نَفْسٍ وَمُؤْنَةٌ إلَّا مُجَرَّدَ تَمَرُّدٍ فَكَانَ أَبْخَلَ مِنْ كُلِّ بِخَيْلٍ (م عَنْهُ) أَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ (مَرْفُوعًا «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ» أَيْ حَقُّ الْحُرْمَةِ وَالصُّحْبَةِ أَوْ الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ مُلَائِمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا «سِتٌّ» .
وَفِي الْجَامِعِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ» فَلَا يَخْفَى مِنْ إيهَامِ التَّنَاقُضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْوَهْمَ مِنْ قَبِيلِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا فِي النُّصُوصِ، أَوْ الْخَمْسُ قَبْلَ إعْلَانِ السِّتِّ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عَلَيْهِ» لِأَنَّ السَّلَامَ مَعْنَاهُ الْأَمَانُ أَوْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَقَدْ احْتَقَرَهُ وَاحْتِقَارُهُ احْتِقَارٌ لِمَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَعَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجَرَائِمِ.
وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ السَّلَامَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَيَكْفِي سَلَامُ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالِاسْتِئْذَانُ لِدُخُولِ الدَّارِ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّلَامِ وَالسَّلَامُ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْقَضَاءِ لَكِنَّ اللَّازِمَ هُوَ الْإِسْمَاعُ وَفِي الْأَصَمِّ قِيلَ يَنْبَغِي قِرَاءَةُ تَحْرِيكِ شَفَتَيْهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ كَمَا هُوَ عَادَةُ أَكْثَرِ الْعَوَامّ لَيْسَ بِشَيْءٍ بَلْ قِيلَ إنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ كَوَضْعِهَا عَلَى صَدْرِهِ وَنَحْوِهِ «وَإِذَا دَعَاك فَأَجِبْهُ» حَيْثُ لَا عُذْرَ قِيلَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَقِيلَ لِلنَّدْبِ فَيَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الْإِثْمُ أَوْ الْكَرَاهَةُ وَقِيلَ: إنْ لِوَلِيمَةِ عُرْسٍ فَوَاجِبٌ وَإِنْ لِغَيْرِهَا فَنَدَبٌ «وَإِذَا اسْتَنْصَحَك» طَلَبَ مِنْك النُّصْحَ «فَانْصَحْ» لَهُ فَأَرْشِدْهُ إلَى مَا فِيهِ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ وَلَا تُقَصِّرْ فِي الْإِرْشَادِ بَلْ اُبْذُلْ الْجُهْدَ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشِيرَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشَارَ وَلَا يَتَبَرَّعَ بِالرَّأْيِ فَيَكُونَ رَأْيُهُ مُتَّهَمًا أَوْ مَطْرُوحًا.
«وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ» سَوَاءٌ سُمِعَ حَمْدُهُ صَرِيحًا أَوْ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ مَقُولَةِ مَنْ يَأْتِيهِ كَالْعِلْمِ «فَشَمِّتْهُ» بِيَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ مِنْ الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِمَعْنَاهُ فَلَيْسَ بِتَشْمِيتٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ بِالتُّرْكِيِّ " خَيْرًا ولسون "
أَقُولُ إنْ أَرَادَ كَوْنَ هَذَا الْعَطْسِ خَيْرًا فَلِقَوْلِهِ وَجْهٌ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ دُعَاءً لَهُ بِالْخَيْرِ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ عَطَسَ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ فَيَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَنْبَغِي لِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَقُولَ يَرْحَمُك اللَّهُ ثُمَّ يَقُولَ الْعَاطِسُ غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ أَوْ يَقُولَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَلَا يَقُولَ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَأَصْلُ التَّشْمِيتِ إزَالَةُ الشَّمَاتَةِ فَاسْتُعْمِلَ فِي الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ بِالسِّينِ الْغَيْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَعَلَيْهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ مِنْ عُلَمَائِنَا إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَقَوَّاهُ ابْنُ الْقَيِّمِ «وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ» إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ وَلَوْ لَيْلًا قِيلَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَصْدِقَاءِ كَانَتْ سُنَّةً وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ كَمَا فِي حَدِيثِ «امْشِ مِيلًا عُدْ مَرِيضًا» الْحَدِيثَ وَجَازَ عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ إذَا مَرِضَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَجَازَ عِيَادَةُ الْفَاسِقِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمِنَحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا.
ثُمَّ قِيلَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَقِيلَ لِلنَّدَبِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْبَعْضِ تَجِبُ فِي وَقْتٍ وَتُنْدَبُ فِي آخَرَ وَفِي الشِّرْعَةِ وَمِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَحُقُوقِ الدِّينِ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَإِنَّ الْعَائِدَ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَعُودَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ يَوْمًا.
وَفِي الْإِحْيَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ مَرَّةً سُنَّةٌ فَمَا زَادَ فَنَافِلَةٌ وَالْمُسْتَحَبُّ جُلُوسُ الْعَائِدِ عِنْدَ رُكْبَتَيْ الْمَرِيضِ دُونَ رَأْسِهِ بِلَا الْتِفَاتٍ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً مُتَوَجِّهًا إلَى جِهَةِ الْمَرِيضِ بِلَا إكْثَارِ نَظَرٍ إلَيْهِ وَلَا إحْدَادِ نَظَرٍ فِي وَجْهِهِ بِلَا ثِيَابٍ جَدِيدَةٍ وَلَا وَسِخَةٍ وَلَا عُبُوسَةِ وَجْهٍ وَلَا يَتَكَلَّمْ إلَّا بِمَا يُعْجِبُهُ أَيْ يَحُظُّهُ وَيُحَسِّنُهُ مُبَشِّرًا بِنَحْوِ سُرْعَةِ الصِّحَّةِ وَطُولِ الْعُمْرِ وَيُخَفِّفُ الْجُلُوسَ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ فَيَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ وَيَسْتَدْعِي مِنْ الْمَرِيضِ فَإِنَّ دُعَاءَهُ مُسْتَجَابٌ