بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُمْسَكُ شَيْءٌ مِنْهَا ثُمَّ يُرْمَى بِشَيْءٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ مِنْ الصَّبْرِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ فِي ضِيقٍ يُقَالُ صَبَرْت الدَّابَّةَ إذَا حَبَسْتهَا بِلَا آلَةٍ وَمِنْهُ قَتْلُ الصَّبْرِ لِلْمُمْسَكِ حَتَّى يُقْتَلَ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ لِلَعْنِ فَاعِلِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ
(وَ) مِنْهَا (التَّشْبِيكُ) إدْخَالُ بَعْضِ الْأَصَابِعِ فِي بَعْضِهَا (فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الذَّهَابِ إلَيْهِ) وَكَذَا فَرُقْعَةُ الْأَصَابِعِ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى كَرَاهَتِهَا فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُنْتَظِرُ إلَى الصَّلَاةِ وَالْمَاشِي إلَيْهَا كَمَنْ فِي الصَّلَاةِ فِي كَرَاهَتِهَا وَلِذَا كُرِهَ الْمُسَارَعَةُ فِي مَشْيِ الصَّلَاةِ فَيَمْشِي عَلَى هِينَةٍ وَعَلَى صُورَةِ خَشْيَةٍ فَكَأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ (حَدّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَرْفُوعًا «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ» وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ «فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ» أَيْ أَتَى بِهِ كَامِلًا تَامًّا غَيْرَ طَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ بَلْ مُتَوَسِّطًا بَيْنَهُمَا «ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا» قَاصِدًا «إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» قِيلَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ «فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ» أَشْبَهُ بِنَهْيِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ صَلَاةٍ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِتَرْكِ الْعَبَثِ وَاسْتِعْمَالِ الْخُشُوعِ كَيْفَ وَقَدْ كَانَ لِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ إلَّا أَنْ يُدَّعَى مَنْعَ حُرْمَتِهِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ أَوْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ شَيْءٍ فِي حُكْمِ شَيْءٍ آخَرَ ثُبُوتُ تَمَامِهِ لَهُ قَالَ فِي الْفَيْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِدَلَالَتِهِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى تَشْبِيكِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّ التَّشْبِيكَ مِنْ هَيْئَاتِ التَّصَرُّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَالصَّلَاةُ تُضَادُّ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ التَّشْبِيكَ جَالِبٌ لِلنَّوْمِ وَهُوَ ظِنَّةٌ لِلْحَدَثِ فَلِذَا كُرِهَ تَنْزِيهًا وَأَمَّا التَّشْبِيكُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَكَذَا إلَّا لِنَحْوِ مَوَدَّةٍ وَأُلْفَةٍ ثُمَّ مَفْهُومُ الشَّرْطِ لَيْسَ قَيْدًا مُعْتَبَرًا فَمَنْ تَرَكَ حُسْنَهُ وَاكْتَفَى بِمُجَرَّدِ قَدْرِ الْوَاجِبِ بِتَرْكِ النَّدْبِ فَمَأْمُورٌ أَيْضًا وَكَذَا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا وُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فِي طَرِيقِ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ قِيلَ بِضَعْفِ الْحَدِيثِ وَقِيلَ بِكَوْنِهِ مُنْكَرًا وَفِي الْجَامِعِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ» الْبَيْتُ مِنْ قَبِيلِ الْإِخْرَاجِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ فَالْمَعْنَى فِي مَحَلِّ إقَامَتِهِ «ثُمَّ أَتَى فِي الْمَسْجِدِ» فَكَذَا أَيْضًا فَالْمُرَادُ مَحَلُّ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا «كَانَ فِي صَلَاةٍ» أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى أَنْ يَعُودَ إلَى مَحَلِّهِ فَلَا يَقُلْ هَكَذَا أَيْ لَا يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَالْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُ الرَّاوِي وَشَبَّكَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ إدْخَالِ الْأَصَابِعِ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيمَاءِ إلَى مُلَابَسَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْخَوْضِ فِيهَا وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ تَشْبِيكِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَفِيمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَلَا فِي قَصْدِهِ وَلَا فِي انْتِظَارِهَا وَقِيلَ تَشْبِيكُهُ لِفَائِدَةِ النَّهْيِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَصَدَ بِهِ التَّمْثِيلَ فِي السُّجُودِ لِمَعْنًى فِي اللَّفْظِ بِصُورَةِ الْحِسِّ (وَفِي رِوَايَةٍ «يَا كَعْبُ إذَا كُنْت فِي الْمَسْجِدِ فَلَا تُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِك فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَتْ الصَّلَاةَ» وَأَمَّا سُنِّيَّتُهُ فِي الْوُضُوءِ فَلِمُبَالَغَةِ الْغُسْلِ وَإِكْمَالِهِ غَايَتَهُ بِنَصٍّ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ فَافْهَمْ
(وَ) مِنْهَا (كِتَابَةُ مَا يَحْرُمُ تَلَفُّظُهُ) مِنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْحِكَايَةِ وَكَانَ لَهُ قَاصًّا (فَإِنَّ الْقَلَمَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ) كَمَا يُقَالُ الْخَطُّ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَحُسْنُهُ أَحَدُ الْفَصَاحَتَيْنِ زَيْنُهُ زَيْنٌ وَشَيْنُهُ شَيْنٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ وَالْمُرَاسَلَةُ نِصْفُ الْمُوَاصَلَةِ (وَكِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِالْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْحَدَثِ وَكَذَا مَسُّ هَؤُلَاءِ الْمُصْحَفَ وَالتَّفْسِيرَ وَمَا كُتِبَ فِيهِ آيَةٌ) مِنْ قِرْطَاسٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَفِي التُّحْفَةِ الْمَكْرُوهُ مَسُّ الْمَكْتُوبِ لَا مَوَاضِعُ الْبَيَاضِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الْمَكْتُوبِ حَتَّى إنْ مَسَّ الْجِلْدَ وَمَسَّ مَوَاضِعَ الْبَيَاضِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ الْقُرْآنَ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقِيَاسِ وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ إلَى التَّعْظِيمِ انْتَهَى وَلَوْ مَسَّ كُتُبَ الشَّرِيعَةِ ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَالْبَقَّالِيُّ لَا يُكْرَهُ وَفِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ يُرَخَّصُ لِأَهْلِهَا فِي مَسِّهَا بِالْكُمِّ وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَرُخِّصَ الْمَسُّ بِالْيَدِ فِي كُتُبِ الشَّرِيعَةِ لَا التَّفْسِيرِ وَفِي الْجَامِعِ لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ وَأَمَّا الْمَسُّ بِالْكُمِّ فَإِنْ مُصْحَفًا لَا لِكَوْنِهِ تَابِعًا لَهُ وَإِلَّا نَعَمْ لِلضَّرُورَةِ وَفِي التتارخانية لَا يَمَسُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute