للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعرف المراد من هذين المعنيين إلا بدليل خارجي، وهو المبين.

ولتوضيح ذلك نقول:

معنى العمل بالمجمل قبل البيان تعرض بالخطأ في حكم الشرع، وهو لا يجوز، وذلك لأنَّ اللفظ إذا تردد بين معنيين: فإما أن يرادا جميعًا، أو لا يراد واحد منهما، أو يراد أحدهما دون الآخر، فهذه أربعة أقسام (أليس المفترض ثلاثة)، يسقط الثاني منها وهو أن لا يراد واحد منهما؛ لأنَّ ذلك ليس من شأن الحكماء أن يتكلموا كلامًا لا يقصدون به المعنى، فيبقى ثلاثة أقسام، فإذا أقدمنا على العمل قبل البيان احتمل أن نوافق مراد الشرع فنصيب حكمه، واحتمل أن نخالفه فنخطيء حكمه، فاتقق بذلك أنَّ العمل بالمجمل قبل البيان تعرض بالخطأ في حكم الشرع.

وأما أنَّ ذلك لا يجوز، فلأنَّ حكم الشرع يجب تعظيمه، والتعرض بالخطأ فيه ينافي تعظيمه، فيكون ذلك ضربًا من الإهمال له، وقلة المبالاة، وذلك لا يجوز.

مثال ذلك: لو قال: إذا غاب الشفق فصلوا العشاء الآخرة. احتمل أن يريد بالشفق الحمرة والبياض جميعًا، وأن يريد الحمرة فقط، وأن يريد البياض فقط، فبتقدير أن يريدهما جميعًا، فلو صلينا قبل مغيب البياض أخطأنا، فلما جاء البيان بقوله: (الشفق الحمرة، فإذا غاب

<<  <  ج: ص:  >  >>