للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: «في سائمة الغنم زكاة» (١)، فإنَّ المعلوفة خرجت بالمفهوم، فيخصص به عموم الأول.

المذهب الثاني: أنَّ مفهوم المخالفة لا يخصص العام من الكتاب والسنة، وهو مذهب مالك؛ وحجته: بأنَّ العموم نطق، ودليل الخطاب مفهوم من النطق، فكان النطق أولى نظرًا لافتقار المفهوم في دلالته إلى النطق، وعدم افتقار المنطوق في دلالته إلى المفهوم فيكون المفهوم أضعف، فلو خص به العام للزم من ذلك العمل بالأضعف، وترك الأقوى، وهو خلاف المعقول.

وجوابه: أنا نسلم أنَّ المفهوم أضعف من المنطوق، لكن الذي جعلنا نعمل بالمفهوم الخاص هو أنه لا يلزم منه إبطال العمل بالعام مطلقًا؛ حيث إنا نعمل به وما بقي بعد التخصيص، أما العمل بالعموم فإنه يلزم منه إبطال العمل بالمفهوم الخاص، ولا يخفى أنَّ الجمع بين الدليلين ولو من وجه أَولى من العمل بظاهر أحدهما، وإبطال الآخر (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٤٥٤) من حديث أبي بكر مرفوعًا بلفظ: «وَفي صَدَقَة الغَنَم في سَائمَتهَا إذَا كَانَتْ أَربَعينَ إلَى عشرينَ وَمائَةٍ شَاةٌ».
(٢) البحر المحيط (٣/ ٣٨٣)، المهذب في أصول الفقه (٤/ ١٦٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>