للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• المسألة الثامنة: هل مفهوم الموافقة له عموم؟

اختلف القائلون: إنَّ دلالة مفهوم الموافقة دلالة لفظية، هل له عموم؟ على مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا عموم لمفهوم الموافقة، وهو مذهب الغزالي، وبعض الحنابلة، وجمهور الحنفية.

قال الغزالي: مَنْ يَقُولُ بالمَفهُوم قَدْ يَظُنُّ للمَفهُوم عُمُومًا، وَيَتَمَسَّكُ به،، وَفيه نَظَرٌ، ثم استدل على ذلك فقال: لأَنَّ العُمُومَ لَفظٌ تَتَشَابَهُ دَلَالَتُهُ بالإضَافَة إلَى مُسَمَّيَاتٍ، وَالمُتَمَسّكُ بالمَفهُوم، وَالفَحوَى لَيسَ مُتَمَسّكًا بلَفظٍ بَلْ بسُكُوتٍ، فَإذَا قَالَ : «في سَائمَة الغَنَم زَكَاةٌ» (١)، فَنَفيُ الزَّكَاة في المَعلُوفَة لَيسَ بلَفظٍ حَتَّى يَعُمَّ اللَّفظُ أَوْ يَخُصُّ، وقَوله تَعَالَى ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣] دَلَّ عَلَى تَحريم الضَّرب لَا بلَفظه المَنطُوق به حَتَّى يُتَمَسَّكَ بعُمُومه، وَقَدْ ذَكَرنَا أَنَّ العُمُومَ للأَلفَاظ لَا للمَعَاني، وَلَا للأَفعَال (٢).

وأجيب: بأنَّ مفهوم الموافقة هو كالملفوظ به سواء بسواء، بل قد يكون الحكم في المسكوت عنه أولى من الحكم في المنطوق به، وإذا


(١) أخرجه البخاري (١٤٥٤) من حديث أبي بكر مرفوعًا بلفظ: «وَفي صَدَقَة الغَنَم في سَائمَتهَا إذَا كَانَتْ أَربَعينَ إلَى عشرينَ وَمائَةٍ شَاةٌ».
(٢) المستصفى (٢/ ٧٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>