الثالثة: قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠]، وتحريم الشيء بعد تحليله هو حقيقة النسخ، وحيث وقعت هذه الصورة وغيرها من النسخ دلَّ على جوازه عقلًا بالضرورة.
٦ - أنَّ المالك للشيء له الحق في التصرف في ما يملكه كيفما شاء، ولله المثل الأعلى قال تعالى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]، فالله هو الذي يملك الناس، وهو الذي يشرّع لهم فله أن يضع ما يشاء، ويرفع ما يشاء ﷾.
٧ - أنَّ الله تعالى من سننه أن يغير الخلق على حسب حال الناس والوقت والزمن، فالإنسان كان جنينًا، ثم جعله الله طفلًا، ثم صبيًّا، ثم شابًّا، ثم شيخًا، فالله خلقه بالأمر الكوني القدري على مراحل، وهذه المراحل على حسب حاله ومصلحته، فلم يجعل الشاب رضيعًا؛ لأنَّ هذا الحال لا يتناسب مع مرحلته، ولم يجعل الطفل مكلفًا؛ لأنَّ هذا الحال لا يتناسب مع مصلحته، فالله خلقه وغيَّر في مراحل خلقه على حسب مصلحته، فإذا كان ذلك في الأمر الكوني القدري كان كذلك في الأمر الديني الشرعي، فينزل الله الشيء، ويكون ذلك لمصلحةٍ، ثم