للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثلًا: بعد زيادة (التغريب)، وإلحاقه ب (الجلد مئة) لم تُخرج تلك الزيادة الجلد عن كونه واجبًا، بل استمر على هذا الحكم بعد إلحاق الزيادة (وهي التغريب) به كما كان واجبًا قبله، وذلك مثل إيجاب الصوم بعد إيجابه للصلاة لم يخرج الصلاة عن كونها فرضًا، بل ظلت فرضًا بعد الصيام كما كانت قبله، كل ما في الأمر أنه أضاف إليه زيادة.

المذهب الثاني: أنَّ تلك الزيادة نسخ، ذهب إلى ذلك الحنفية، كما صرح بذلك أبو عبد الله الصيمري، وأبو بكر الرازي، والسرخسي، وعبد العزيز البخاري.

ودليلهم: استدلوا بأنَّ جلد المائة في حد الزاني البكر كان هو الحد الكامل، و يجوز الاقتصار عليه؛ لقوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، فلما جاءت السنة بزيادة التغريب، وذلك بحديث عبادة بن الصامت: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» (١)، رفعت هذه الآية ذلك الحكم، وهو (صفة الكمال والاقتصار على جلد مئة)، وأصبح الحد بعد الزيادة (الجلد والتغريب)، فتكون صفة الكمال قد رفعت، والاقتصار على الجلد قد رفع، والرفع هو النسخ.

وأجيب: أنَّ رفع صفة الكمال بالزيادة، ورفع الاقتصار على المائة


(١) أخرجه مسلم (١٦٩٠)، من حديث عبادة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>