المذهب الثاني: أنَّ تلك الزيادة نسخ، وهذا مذهب الحنفية، وبعض الشافعية كالغزالي.
ودليلهم:
قالوا: إنه كان حكم المزيد عليه الإجزاء والصحة بدون تلك الزيادة، فلما جاءت الزيادة ارتفع ذلك الحكم، فأصبح المزيد عليه لا يجزئ، ولا يصح إلا بتلك الزيادة، والرفع نسخ.
فمثلًا: كانت الصلاة تجزئ وتصح بدون طهارة، فلما زيد اشتراط الطهارة أصبحت الصلاة لا تجزئ ولا تصح لوحدها، بل لا بد من الطهارة، فرفع إجزاء الصلاة لوحدها، والرفع نسخ.
وأجيب: بأنَّ ما ذكرتموه صحيح لو أنَّ الإجزاء استقر وثبت أولًا، ثم وردت الزيادة بعده؛ لأنَّ من شرط النسخ: تأخر الناسخ عن المنسوخ. وهنا لم يتحقق ذلك الشرط؛ لأنه يحتمل أن تكون الزيادة قد ثبتت، وهي مقارنة للفظ المزيد عليه.
وعلى هذا يكون ادعاؤكم استقرار الإجزاء، ثم ورود الزيادة بعد ذلك هو دعوى تحتاج إلى دليل، ولا دليل عندكم، فثبت أنَّ تلك الزيادة ليست بنسخ.