المسكوت عنها أولى بالحكم، وهو المنع من التضحية بالعوراء المنطوق بها، إلا أنَّ نفي الفارق بينهما ليس قطعيًّا؛ لأن علة النهي عن التضحية بالعوراء كونها ناقصة ذاتًا وثمنًا وقيمة، وهذا هو الظاهر، وعليه فالعمياء أنقص منها ذاتًا وقيمة، وهناك احتمال آخر هو الذي منع من القطع بنفي الفارق، وهو احتمال أن تكون علة النهي عن التضحية أنَّ العور مظنة الهزال؛ لأن العوراء ناقصة البصر، وناقصة البصر تكون ناقصة الرعي، لأنها لا ترى إلا ما يقابل عينًا واحدة، ونقص الرعي مظنة الهزال، وعلى هذا الوجه فالعمياء ليست كالعوراء؛ لأن العمياء يُختار لها أفضل العلف فيكون ذلك مظنة لسمنها.
وكذلك: نهيه ﷺ المحرم أن يلبس ثوبًا مسه ورس أو زعفران (١). فكان الكافور والمسك أولى بذلك الحكم، وإن جاز أن يرد التعبد بتحريم الورس والزعفران، وإباحة المسك والكافور.
الضرب الرابع: ما عرف معناه من ظاهر النص، مع جواز التعبد بخلاف أصله، ويكون المسكوت عنه مساويًا للمنطوق به في الحكم، إلا أنَّ نفي الفارق بينهما مظنون ظنًّا قويًّا مزاحمًا لليقين.
ومثاله الحديث الصحيح: (من أعتق شركًا له في عبد، فكان له مال
(١) أخرجه البخاري (١٣٤)، ومسلم (١١٧٧) من حديث عبد الله بن عمر.