من أوَّل نظرةٍ، فلو أعَدْتَ النظرَ إليها لرأيتَها دون ما في نفسكَ، فسلوتَ عنها، فهل يجوزُ له تعمُّد النظر ثانيًا لهذا المعنى؟
فكان الجواب: الحمد لله، لا يجوز هذا لعشرة أوْجُهٍ:
أحدها: أنَّ الله سبحانه أمر بغضِّ البصر، ولم يجعلْ شفاءَ القلب فيما حرَّمه على العبد.
الثاني: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن نظر الفَجْأَة، وقد علم أنه يُؤثِّر في القلب فأمرَ بمداواتِه بصرف البصر، لا بتكرار النَّظر.
الثالث: أنَّه صرَّح بأن الأولى له، وليست له الثانية، ومحالٌ أن يكونَ داؤه ممَّا له، ودواؤه ممّا ليس له.
الرابع: أنَّ الظَّاهر قوةُ الأمر بالنظرة الثانية لا تَناقُصُه، والتجربةُ شاهدةٌ به، والظَّاهر أنَّ الأمرَ كما رآه أولَ مرَّةٍ، فلا تحسنُ المخاطرة بالإعادة.
الخامس: أنَّه ربما رأى ما هو فوق الذي في نفسه، فزادَ عذابُه.
السادس: أنَّ إبليسَ عند قصده للنظرة الثانية يقوم في ركائبه، فيزيِّن له ما ليس بحسن لِتَتِمَّ البلية.
السابع: أنَّه لا يُعانُ على بَليَّتِه إذا أعرضَ عن امتثال أوامر الشرع، وتداوى بما حرَّمه عليه، بل هو جديرٌ أن تتخلَّفَ عنه المعونة.
الثامن: أنَّ النظرة الأولى سهمٌ مسمومٌ من سهام إبليس، ومعلومٌ أنَّ الثانية أشدُّ سُمًّا، فكيف يتداوى من السُّمِّ بالسُّمِّ؟