للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجابه الطَّحاوي:

سأقضي قضاءً في الذي عنه تَسأَلُ ... وأحكُمُ بين العاشِقَيْن فأعْدِلُ

فديتُكَ ما بالحُبِّ عارٌ عَلِمْتُه ... بلِ العارُ تركُ الحُبِّ إِنْ كُنْتَ تَعقِلُ (١)

ومهما لحَا في الحُبِّ لاحٍ فإنَّه ... لعمرُكَ عندي من ذَوي الجَهْل أجْهَلُ

وليس مُباحًا عندنا قتلُ مُسْلِمٍ ... بلا تِرَةٍ بل قاتلُ النَّفسِ يُقْتَلُ

ولكنَّه إنْ ماتَ في الحُبِّ لم يكنْ ... له قَوَدٌ فيه ولا عنه يُعقلُ

وِصَالُكَ من تهوى وإنْ صدَّ واجبٌ ... عليكَ كذا حكمُ المُتيَّمِ يَفْعَلُ

فهذا جوابٌ فيه عندي قناعةٌ ... لما جئتَ عنه أيُّها الصَّبُّ تَسْأَلُ

ويكفي أنَّ المعتزلة مِنْ أشدِّ الناس تعظيمًا للذنوب، وهم يُخلِّدون أصحابَ الكبائر، ولا يَرَوْنَ تحريمَ ذلك، كما ذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخه المشهور (٢) لبعض المعتزلة:

سألنا أبا عثمان عَمْرًا وواصِلًا ... عن الضَّمِّ والتَّقبيلِ للخَدِّ والجِيْدِ

فقالا جميعًا والَّذي هو عادلٌ ... يجوزُ بلا إثمٍ فدعْ قَوْلَ تفنيد

وقال إسحاق بن شبيب (٣):

سألنا شيوخَ الواسطيِّين كلَّهم ... عن الرَّشْفِ والتَّقبيلِ هل فيهما إثمُ؟


(١) ت: «تفعل».
(٢) نقل عنه مغلطاي في «الواضح المبين» (ص ٩١).
(٣) كما في المصدر السابق (ص ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>