للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وقد فسَّر كثيرٌ من السَّلَف قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة/٢٨٦] بالعشق. وهذا لم يُريدوا به التَّخصيص، وإنَّما أرادوا به التمثيلَ، وأنَّ العشق من تحميل ما لا يُطاق.

والمراد بالتَّحميل ها هنا التحميلُ القدَريُّ، لا الشَّرعيُّ الأمريُّ.

قالوا: وقد رأينا جماعةً من العُشَّاق يطوفون على مَنْ يدعو لهم أن يُعافِيَهم الله من العِشْق، ولو كان اختيارًا؛ لأزالوه عن نفوسهم.

ومن ها هنا يتبيَّن خطأ كثيرٍ من العاذلين، وعَذْلُهم في هذه الحال بمنزلة عَذْلِ المريض في مرضه، قال (١):

يا عاذلي والأمرُ في يَدِه ... هَلَّا عَذَلْتَ وفي يَدِي الأمرُ

وإنَّما ينبغي هذا العذلُ قبلَ تعلُّق هذا الدَّاء بالقلب، كما قيل (٢):

يُذكِّرُني {حم} والرُّمحُ شاجِرٌ ... فهلَّا تلا {حم} قبلَ التَّقَدُّم


(١) البيت في «ديوان الصبابة» (ص ٥٢).
(٢) البيت للمقشعر بن جديع النضري في «الحماسة البصرية» (١/ ٦٩). ولشريح بن أبي أوفى العبسي في «مجاز القرآن» (٢/ ١٩٣)، و «اللسان» (حمم). وينسب لغيرهما، انظر: «الاقتضاب» (ص ٤٣٩)، و «معجم الشعراء» للمرزباني (ص ٢٧٠)، و «فتح الباري» (٨/ ٥٥٣، ٥٥٤)، و «طبقات ابن سعد» (٥/ ٣٩)، و «نسب قريش» للزبير (ص ٢٨١)، و «الأمثال» لأبي عبيد (ص ٢١٧)، و «فصل المقال» (ص ٣١٣)، و «المعارف» (ص ٢٣١)، و «الاشتقاق» (ص ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>