للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُئي أبو السَّائب المخزوميُّ (١) ـ وكان من العلم والدِّين بمكان ـ متعلِّقًا بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم ارحمِ العاشقينَ، وقوِّ قلوبَهم! واعطفْ عليهم قلوبَ المعشوقين! فقيل له في ذلك، فقال: والله للدُّعاءُ لهم أفضلُ من عُمرَةٍ من الجِعْرَانَة! ثم أنشد (٢):

يا هَجْرُ كُفَّ عن الهوى ودعِ الهوَى ... للعاشقينَ يطيبُ يا هَجْرُ

ماذا تريدُ من الذين جُفونُهم ... قرْحى وَحَشْوُ قُلوبهم جَمْرُ؟!

مُتَبَلِّدِين مِن الهوى ألوانُهم ... مما تُجِنُّ قلوبُهم صُفْرُ

وسوابقُ العَبَرَات فوقَ خُدودِهم ... دُرَرٌ تَفِيضُ كأنَّها قَطْرُ

ويُذكَرُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بجاريةٍ تتغنَّى:

هل عليَّ وَيْحَكُما ... إنْ لَهَوْتُ مِن حَرَج

فتبسَّم، وقال: «لا حَرَجَ إن شاء الله» (٣).


(١) أخرجه الخرائطي (ص ٢٣٧). وانظر: «ذم الهوى» (ص ٣٤٧)، و «الموشى» (ص ١٥٨ - ١٥٩)، و «الواضح المبين» (ص ٣٣)، و «ديوان الصبابة» (ص ٥٠).
(٢) الأبيات للعباس بن الأحنف في «ديوانه» (ص ١٤٦)، وأنشدها أبو السائب المخزومي في المصادر السابقة.
(٣) أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات» (٣/ ١١٦) من حديث ابن عباس. ولا يصح، انظر: «اللآلئ المصنوعة» (٢/ ٢٠٧)، و «تنزيه الشريعة» (٢/ ٢٢٣). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الاستقامة» (١/ ٢٩٦): هذا الحديث موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>