اللباس، وطيب المطعم، ومكارم الأخلاق، ويُعلي الهمَّة، ويحملُ على طيب الرائحة، وكرم العشرة، وحفظ الأدب والمُروءة، وهو بلاءُ الصَّالحين، ومحنة العابدين، وهو ميزان العقول، وجلاء الأذهان، وهو خُلُق الكرام، كما قيل (١):
وما أحببتُها فُحْشًا ولكن ... رأيتُ الحُبَّ أخلاقَ الكِرام
قالوا: وأرواحُ العُشَّاقِ عَطِرَةٌ لطيفة، وأبدانهم رقيقةٌ ضعيفة، وأرواحُهم بطيئةُ الانقياد لمن قادَها، حاشا سكنَها الذي سكنت إليه، وعقدت حبَّها عليه، وكلامُهم، ومنادمتهم تزيد في العقول، وتُحرِّكُ النفوسَ، وتُطيّب الأرواح، وتلهو بأخبارهم أُولو الألباب.
فأحاديثُ العُشّاقِ زينة مجالسهم، ورُوح محادثتهم، ويكفي أن يكون الأعرابي الذي لا يُذْكر مع الملوك ولا مع الشجعان الأبطال يعشقُ، ويشتهر بالعِشْق، فيُذْكَر في مجالس الملوك والخلفاء ومَنْ دونَهم، وتدوَّن أخبارُه، وتُرْوى أشعارُه، ويُبقي له العشقُ ذكرًا مخلَّدًا، ولولا العشقُ لم يُذكر له اسمٌ، ولم يَرْفَعْ به رأسا.
وقال بعض العقلاء: العشقُ للأرواح بمنزلة الغذاء للأبدان، إن تركتَه ضرّك، وإن أكثرتَ منه قتلك.
(١) بلا نسبة في «الواضح المبين» (ص ٦١). ولأبي إسحاق الشيرازي في «الروض المعطار» (ص ٤٤٤).