وقال [٦٦ أ] ابنُ عبد البَرّ في كتابه «بهجة المجالس»(١): وُجد في صحيفةٍ لبعض أهل الهند: العشقُ ارتياحٌ جُعِل في الرُّوح، وهو معنًى تُنْتِجُه النجومُ في مطارح شُعاعِها، ويتولَّد في الطِّباع بوصلة أشكالها، وتَقْبَلُه الرُّوح بلطيف جوهرها، وهو بَعْدُ جلاءُ القلوب، وصيقلُ الأذهان ما لم يُفْرِط، فإذا أفرط صارَ شقاء قاتلًا، ومرضًا مُنْهِكًا، لا تنفُذُ فيه الآراء، ولا تَنْجَعُ فيه الْحِيل، والعلاجُ منه زيادةٌ فيه.
وقال أعرابيٌّ: هو أنس النفس، ومحادث العقل، تُجِنُّه الضَّمائر، وتخدمُه الجوارح.
وقال عبد الله بن طاهر أميرُ خُراسان لولده: اعشَقُوا تَظْرُفُوا، وعفُّوا تشرفوا.
وقال قُدامة: وصفه بعضُ البلغاء فقال: يشجِّع الجبان، ويسخِّي البخيل، ويُصَفِّي ذهن البليد، ويُفْصِح لسان العييّ، ويبعثُ حَزْم العاجز، ويذِلُّ له عزُّ الملوك، ويصرع له صَوْلَةُ الشجاع، وهو داعيةُ الأدب، وأوّلُ بابٍ تُفْتَق به الأذهانُ والفِطَن، وتستخرجُ به دقائق المكايد والحِيَل، وإليه تستروحُ الهمم، وتسكنُ نوافرُ الأخلاق والشِّيَم، يُمْتعُ جليسَه، ويؤنس أليفه، وله سرورٌ يجول في النفوس، وفرحٌ يسكُن في القلوب.
وقيل لبعض الرؤساء: إن ابنَك قد عشقَ، فقال: الحمد لله! الآن