للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطابق لحال العاشق، فإنَّه أذَلُّ الناس لمعشوقه، ولما يُحَصِّل به رضاه، والحبُّ مبناه على الذُّلِّ، والخضوع للمحبوب، كما قيل (١):

اخْضَعْ وَذِلَّ لِمَنْ تحبُّ فَلَيْسَ في ... شرعِ الهَوى أَنْفٌ يُشالُ ويُعْقَدُ

[٦٩ أ] وقال آخر (٢):

مساكينُ أهلُ العشقِ حتَّى قبورُهم ... عليها ترابُ الذُّلِّ بين المَقابر

وقال آخر (٣):

قالوا عهدناك ذا عزٍّ فقلتُ لهم ... لا يعجبُ الناسُ من ذلِّ المُحبِّينا

لا تُنكروا ذلَّة العُشّاقِ إنَّهمُ ... مستعبَدون برِقِّ الحُبِّ راضُونا

قالوا: وإذا اقتحم العبدُ بحرَ العشْق، ولعبتْ به أمواجهُ، فهو إلى الهلاك أدنى منه إلى السَّلامة، كما ذكر الخرائطيُّ (٤): أنَّه كان بالمدينة جاريةٌ ظريفةٌ، فهوِيَتْ رجلًا من قريشٍ، وكان لا يُفارقها، ولا تُفارقه، فملَّها، وزاد حبُّها له، فسقِمتْ، وجعل مولاها لا يَعْبَأُ بشكواها، ولا يَرِقُّ


(١) البيت لأبي تراب في «بدائع البدائه» (ص ١٧). وبلا نسبة في «ديوان الصبابة» (ص ٤٧).
(٢) البيت بلا نسبة في «مصارع العشاق» (١/ ١٣٠)، و «ديوان الصبابة» (ص ٤٧).
(٣) البيتان بلا نسبة في «اعتلال القلوب» (ص ٣٢٥).
(٤) في «اعتلال القلوب» (ص ٣٢٤). وانظر: «مصارع العشاق» (١/ ٥٣)، و «ذم الهوى» (ص ٣٣٤). والأبيات لجميل في «ديوانه» (ص ٨٣)، و «محاضرة الأبرار» (٢/ ٤٢٣)، وللعباس بن الأحنف في «ديوانه» (١٣٩)، و «الأغاني» (٥/ ٢١١)، وللمجنون في «الموشى» (ص ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>