للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأليم، فأذَّن رسول الله بالدعوة على رؤوس الملأ منهم والأشهاد، وصاح بها بين أظهُرِهم في كلِّ حاضرٍ وباد، وقال وكان في قوله لهم من أعظم الناصحين: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف/٨٠].

ثم أعاد لهم القول نصحًا وتحذيرًا، [٧٢ ب] وهم في سكرة عشقهم لا يعقلون: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف/٨١] فأجاب العُشَّاق جواب من أُركِس في هواه وغيِّه، فقلبُه بعشقه مفتون، وقالوا: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل/٥٦].

فلمَّا أن حان الوقت المعلوم، وجاء ميقاتُ نفوذ القدر المحتوم، أرسل الرَّحمن ــ تبارك وتعالى ــ لتمام الإنعام والامتحان إلى نبيه لوطٍ ملائكةً في صورة البشر، وأجمل ما يكون من الصُّور، وجاءوه في صورة الأضياف النُّزول بذي الصَّدرِ الرَّحيب، فـ {سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود/٧٧].

وجاء الصَّريخ إلى اللوطيّة: أنَّ لوطًا قد نزل به شبابٌ لم يَنْظُر إلى مثل حُسْنهم وجمالهم الناظرون، ولا رأى مثلهم الرَّاءون، فنادى اللُّوطيَّة بعضهم بعضًا أنْ هَلُمُّوا إلى منزل لوط، ففيه قضاءُ الشهوات، ونَيْلُ أكثر اللَّذَّات {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>