للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّيِّئَاتِ} [هود/٧٨].

فلمَّا دخلوا إليه، وهجموا عليه، قال لهم وهو كظيمٌ من الهمِّ والغمِّ، وقلبُه بالحزن عميد: {يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود/٧٨].

فلما سمع اللُّوطية مقالته؛ أجابوه جواب الفاجر المجاهر العنيد: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود/٧٩] فقال لهم لوطٌ مقالةَ المُضْطَهَد الوحيد: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود/٨٠] فلمَّا رأت رسلُ الله ما يقاسي نبيُّه من اللوطيَّة؛ كشفوا له عن حقيقة الحال، وقالوا: هوِّن عليك، {يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود/٨١] فسُرَّ نبيُّ الله سرور المحب وأتاه الفرج بغتةً على يد الحبيب، وقيل له: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود/٨١].

ولما أبو ا إلا مُراودته عن أضيافه، ولم يرعَوْا حقَّ الجار؛ ضرب جبريل [٧٣ أ] بجناحه على أوجههم، فطمس منهم الأعين، وأعمى الأبصار، فخرجوا من عنده عُمْيانًا يتحسَّسون، ويقولون: ستعلم غدًا ما يَحِلُّ بك أيُّها المجنون!

فلمَّا انشقَّ عمود الصُّبح جاء النداء منْ عند ربِّ الأرباب: أن اخسف بالأمَّة اللوطيَّة، وأَذِقهم أليم العذاب، فاقتلع القويُّ الأمينُ

<<  <  ج: ص:  >  >>