للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جبريل مدائنهم على ريشةٍ من جناحه، ورفعها في الجوِّ حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، وصياح دِيكَتِهمْ، ثم قلبها، فجعل عاليها سافلها، وأُتبعوا بحجارةٍ من سجِّيلٍ، وهو الطين المستحجِر الشديد.

وخوَّف سبحانه إخوانهم على لسان رسوله من هذا الوعيد، فقال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود/٨٢ ــ ٨٣] فهذه عاقبة اللوطيَّة عُشَّاقِ الصُّوَر، وهم السَّلف، وإخوانُهم بعدهم على الأثر (١).

وإن لم تكونوا قوم لوطٍ بعينهم ... فما قومُ لوطٍ منكمُ ببعيد

وإنَّهمُ في الخَسْفِ ينتظرونهم ... على موْردٍ مِنْ مُهلَةٍ وصديد

يقولون لا أهلًا ولا مَرْحَبًا بكم ... ألم يتقدَّم ربُّكم بوعيد

فقالوا بلى لكنَّكم قد سَنَنْتمُ ... صراطًا لنا في العِشْق غيرَ حميد

أتينا به الذُّكْرانَ من عِشْقِنا لهم ... فأوردنا ذا العشقُ شرَّ ورودِ

فأنتم بتضعيف العذاب أحقُّ من ... مُتابِعِكم في ذاك غير رشيد

فقالوا وأنتم رُسلكم أنذرتكم ... بما قد لقيناه بصدق وعيد

فما لكم فضل علينا وكلُّنا ... نذوق عذاب الهون جدَّ شديد


(١) الأبيات بلا نسبة في «ديوان الصبابة» (ص ٧٢)، و «تزيين الأسواق» (٢/ ٥٤). ولعلها لابن القيم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>