كما كلُّنا قد ذاق لذَّة وصلِهم ... ومجمعُنا في النَّار غيرُ حميد
وكذلك قومُ شعيب، إنَّما حملهم على بخس المِكيال والميزان فرطُ محبَّتهم للمال، وغلبهم [٧٣ ب] الهوى على طاعة نبيِّهم، حتى أصابهم العذاب.
وكذلك قوم فرعون، حملهم الهوى، والشَّهوةُ، وعشقُ الرئاسة على تكذيب موسى، حتى آل بهم الأمر إلى ما آل. وكذلك أهل السبت؛ الذين مُسخوا قردةً، إنَّما أُتُوا من جهة محبَّة الحيتان، وشهوة أكلها، والحِرْص عليها. وكذلك الذي آتاه الربُّ تبارك وتعالى آياته {فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الأعراف/١٧٥] وقال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}[الأعراف/١٧٦].
وتأمل قوله تعالى:{آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} فأخبر أنَّ ذلك إنما حصل له بإيتاء الربِّ له لا بتحصيله هو. ثم قال:{فَانْسَلَخَ مِنْهَا} ولم يقل: فسلخناه، بل أضاف الانسلاخ إليه، وعبَّر عن براءته منها بلفظة الانسلاخ الدالة على تخلِّيه عنها بالكلِّية، وهذا شأْنُ الكافر.
وأمَّا المؤمن ــ ولو عصى الله تبارك وتعالى ما عصاه ــ فإنَّه لا ينسلخ من الإيمان بالكلية.
ثم قال:{فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} ولم يقل: فتبعه. فإن في «أتبعه»