إعلامًا بأنَّه أدركه، ولحِقه، كما قال الله تعالى:{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ}[الشعراء/٦٠] أي: لحقوهم، ووصلوا إليهم. ثم قال تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} ففي ذلك دليلٌ على أنَّ مجرد العلم لا يرفع صاحبه، فإن هذا قد أخبر الله سبحانه: أنَّه آتاه آياته، ولم يرفعه بها.
فالرفعة بالعلم قدرٌ زائدٌ على مجرّد تعليمه، ثم أخبر سبحانه عن السَّبب الذي منعه أن يُرفع بها، فقال:{وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} وقوله: {أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} أي: سكن إليها، ونزل بطبعه إليها، فكانت نفسه أرضيَّة سفليةً، لا سماويةً عُلْويةً، وبحسب ما يُخْلد العبد إلى الأرض يهبط من السَّماء.
قال سهل: قسم الله للأعضاء من الهوى، لكلِّ عضو منه حظًّا. فإذا مال عضوٌ منها إلى الهوى؛ رجع ضررُه إلى القلب. وللنَّفس سبعُ حُجُبٍ سماويَّةٍ، وسبعُ حجبٍ أرضيَّةٍ، فكلما دفن العبد نفسه أرضًا [٧٤ أ] أرضًا؛ سما قلبُه سماءً سماءً، فإذا دفن النفس تحت الثرى؛ وصل القلبُ إلى العرش.
ثم ذكر سبحانه مَثَل المُتَّبع لهواه كمثل الكلب الذي لا يفارقه اللَّهْثُ في حالتَي تركِه والحمل عليه، فهكذا هذا لا يفارقُه اللهثُ على الدُّنيا راغبًا وراهبًا.
والمقصودُ: أنَّ هذه السورة من أوّلها إلى آخرها في ذكر حال أهل