قال: كان عمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه إذا أمسى؛ أخذ دِرَّته، ثم طاف بالمدينة، فإذا رأى شيئًا يُنكره؛ أنكرَه، فبينا هو ذات ليلة يعُسُّ؛ إذ مرَّ بامرأةٍ على سطْحٍ، وهي تقول:
تطاول هذا اللَّيلُ واخْضَلَّ جانبُه ... وأرَّقَني ألَّا خليلٌ أُلاعبُهْ
فوالله لولا الله لا ربَّ غيرُه ... لَحُرِّك من هذا السَّريرِ جَوانبُهْ
ثم تنفَّست الصُّعَداء، وقالت: لهان على عمر بن الخطاب ما لقيتُ الليلة، فضرب باب الدَّار، فقالت: من هذا الذي يأْتي إلى امرأة مُغِيبَةٍ هذه السَّاعة؟ فقال: افتحي! فأبتْ، فلمَّا أكثر عليها؛ قالت: أما والله لو بلغ أمير المؤمنين؛ لعاقبَك، فلما رأى عفافها؛ قال:[٧٩ ب] افتحي، فأنا أميرُ المؤمنين، قالت: كذبت، ما أنت أمير المؤمنين! فرفع بها صوته، وجهر لها، فعرفتْ أنَّه هو، ففتحت له، فقال: هِيهِ! كيف قلتِ؟ فأعادتْ عليه ما قالت، فقال: أين زوجُكِ؟ قالت: في بَعْثِ كذا، وكذا، فبعث إلى عامل ذلك الجند: أنْ سَرِّحْ فلان بن فلان، فلمَّا قَدِمَ عليه؛ قال: اذهب إلى أهلك. ثم دخل على حَفْصة ابنتِه، فقال: أي بُنَيَّة! كم تصبِرُ المرأةُ عن زوجها؟ قالت: شهرًا، واثنين، وثلاثة، وفي الرابع يَنْفَد الصَّبرُ،