لأعُسَّنَّ الليلة مدينة دمشق، ولأسمعنَّ الناسَ ما يقولون في البعث؛ الذي أغزيت فيه رجالهم، وأغرمتُهم أموالهم! فبينا هو في بعض أزقَّتها إذا هو بصوت امرأة قائمة تُصلِّي، فتسمَّع إليها، فلما انصرفتْ إلى مضجعها قالت: اللَّهُمَّ مُسيِّر السحب، ومُنزلَ الكُتب، ومعطي الرغب، أسألك أن تؤدي غائبي، فتكشف به همِّي، وتُقِرَّ به عيني، وأسألك [٧٩ أ] أن تحكم بيني وبين عبد الملك بن مروان، الذي فعل بنا هذا، ثم أنشأت تقول:
تطاول هذا اللَّيلُ فالعينُ تدمعُ ... وأرَّقني حُزنٌ لقلبي مُوجِعُ
فذا العرش فَرِّج ما ترى من صبابتي ... فأنت الذي يدعو العبادُ فيسمعُ
دعوتُكَ في السَّرَّاءِ والضُرِّ دعوةً ... على حاجةٍ بين الشراسيف تلْذَعُ
فقال عبد الملك لحاجبه: تعرِفُ هذا المنزل؟ قال: نعم! هذا منزلُ يزيد بن سنان. قال: فما المرأة منه؟ قال: زوجتُه، فلما أصبح سأل كم تصبرُ المرأة عن زوجها؟ قالوا: ستة أشهر.
وقال جرير بن حازم (١)، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جُبير
(١) أخرجه الخرائطي (ص ١٨٣ - ١٨٤). وأخرجه عن السائب بن جبير بنحوه: السراج في مصارع العشاق (٢/ ١٤٦)، وابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٨٢ - ٢٨٣). وانظر الأوائل (٢/ ١٩٠)، والمستجاد (ص ٢٢٩).