فقلت له: أتُغني ــ أصلحك الله ــ وأنت في جلالك وشرفك؟! أما والله لأحملنَّها ركبان نجدٍ، قال: فوالله ما اكترثَ بي، وعاد يتغنَّى:
فما ظبيةٌ أدْماءُ خفَّاقةُ الحشا ... تجوبُ بظِلْفَيها متون الخمائل
بأحسن منها إذ تقولُ تدلُّلًا ... وأدمُعُها يُذْرين حشو المكاحل
تمتَّعْ بذا اليوم القصير فإنَّه ... رهينٌ بأيَّام الصُّدود الأطاول
قال: فندمت على قولي، وقلت له: أصلحك الله! أتحدِّثني في هذا بشيءٍ؟ قال: نعم! حدَّثني أبي قال: دخلتُ على سالم بن عبد الله بن عمر وأشعث يغنِّيه:
مغيبة كالبدر سنّة وجهها ... مُطَهَّرَةُ الأثواب والعِرضُ وافرُ
لها حسبٌ زاكٍ وعِرْضٌ مهذَّبٌ ... وعن كل مكروه من الأمر زاجرُ
من الخَفراتِ البيض لم تَلْقَ ريبةً ... ولم يَسْتَمِلها عن تُقى الله شاعرُ
فقال له سالم: زدني. فغنّاه:
ألمَّت بنا والليلُ داجٍ كأنَّه ... جناحُ غُرابٍ عنه قد نفض القَطْرا
فقلتُ أعطَّارٌ ثَوى في رِحالِنا ... وما احتملت ليلى سوى طيبها عِطْرا
[٨٦ ب] فقال له سالم: والله لولا أن تداوله الرُّواة لأجزلتُ جائزتك! فإنَّك من هذا الأمر بمكان.
قال الخرائطي (١): حدَّثنا العبَّاسُ بنُ الفضل، عن بعض أصحابه،
(١) في اعتلال القلوب (ص ١٤٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute