للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاف التلوُّنَ والفِراقَ لأنَّها ... لونانِ باطنُها خِلافُ الظَّاهِر

فلمَّا جاءه الرَّسولَ؛ أخبره عنها بما أغاظه، فكتب إليها (١):

ضيَّعتِ عهد فتًى لغيبكِ حافظٍ ... في حفظِه عجَبٌ وفي تضييعكِ

وصددتِ عنه وماله من حيلةٍ ... إلا الوقوف إلى أوانِ رُجوعكِ [٧٨ أ]

إنْ تقتليه وتذهبي بحياته ... فبحسن وجهك لا بحُسْنِ صنيعك

فلمَّا وافتها الرُّقعةُ بكتْ، حتى رَحِمها من حولَها، ثم اندفعتْ تقول:

هل لعيني إلى الرُّقاد شفيعُ ... إنَّ قلبي من السَّقَامِ مَرُوعُ

لا تراني بخلتُ عنك بدمع ... لا وحقِّ الحبيب ما لي دموعُ

إنَّ قلبي إليك صَبٌّ حزينٌ ... فاستراحت إلى الحنين الضُّلوع

ليس في العطف يا حبيبي بديعٌ ... إنما هجرُ من يُحب بديعُ

ثم كتبت إليه: أنا مملوكةٌ، لا أملك من أمري شيئًا، فإن كان لك فيَّ حاجةٌ فاشترني؛ لأكون طوع يديْك، فاشتراها، فمكثتْ عنده، وكانت من أحظى إمائه، حتى قُتل في وقعة بابك الخُرَّمي، فكانت تتمثل في رثائه بقول أبي تمَّام فيه (٢):


(١) الأبيات لابن أبي عيينة في الأغاني (٢٠/ ٨٢)، وفي المصون في سر الهوى المكنون (ص ٥١) لأبي عيينة المهلبي، وكذا في معجم الشعراء للمرزباني (ص ٢٦٧، ٢٦٨).
(٢) ديوانه (٤/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>