للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المؤدِّبينَ، ووَضَعَ الصَّبيَّ بين يديه، وقال: ما خيرُ ما أُوتي هذا المولود؟ قال: عقلٌ يُولد معه. قال: فإن لم يكن؟ قال: فأدبٌ حسنٌ يعيشُ به في الناس. قال: فإن لم يكنْ؟ قال: فصاعقةٌ تُحرِقُه.

وقال بعضُ أهل العلم (١): لما أهبطَ الله تبارك وتعالى آدمَ إلى الأرض أتاه جبريلُ عليه السلام بثلاثة أشياء: الدين، والخُلُق، والعقل، فقال: إن الله يُخيِّركَ بين هذه الثلاثة، فقال: يا جبريلُ! ما رأيتُ أحسنَ من هؤُلاءِ إلا في الجنة، ومدَّ يدَه إلى العقل فضمَّه إلى نفسه، فقال للآخرَيْن: اصْعَدَا. فقالا: إنَّا أُمِرْنَا أن نكونَ مع العقل حيثُ كان. فصارت الثلاثة إلى آدمَ عليه السلام. وهذه الثلاثة أعظمُ كرامةٍ أكرمَ الله بها عبدَه، وأجلُّ عطيَّةٍ أعطاه إيَّاها. وجعل لها ثلاثة أعداء: الهوى، والشيطان، والنفس الأمّارة. والحرب بينهما (٢) دُوَلٌ وسِجال؛ {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران/١٢٦].

وقال وهبُ بن منبِّه: قرأْتُ في بعض ما أنزل الله تعالى: إنَّ الشيطانَ لم يُكَابِدْ شيئًا أشدَّ عليه من مُؤْمنٍ عاقل، وإنه ليسوقُ مئةَ جاهلٍ، فيستجِرُّهم


(١) أخرج نحوه ابن أبي الدنيا في كتاب «العقل» (ص ٢٠) عن حماد رجل من أهل مكة. وأخرجه ابن حبان في «روضة العقلاء» (ص ٢٠) عن علي. وانظر: «العقد الفريد» (٢/ ٢٤٥)، و «بهجة المجالس» (١/ ٥٤٣، ٥٤٤)، و «ذم الهوى» (ص ٩).
(٢) ت: «بينها».

<<  <  ج: ص:  >  >>