للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقارَّه على كونها معه، ووجد بها إبراهيم وجدًا شديدًا، فنقلها إلى مكة، فكان يزورها كلَّ يومٍ من الشام على البُراق من شغفه بها، وقلَّة صبره عنها.

وفي الصحيح (١) من حديث حميد، عن أنس قال: أهدى بعضُ نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - له قصعة فيها ثَرِيدٌ، وهو في بيت بعض نسائه، فضربت يد الخادم، فانكسرت القصعة، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ الثَّريد ويردُّه في القصعة، ويقول: «كلوا، غارت أُمُّكم»، ثم انتظر حتى جاءت قصعةٌ صحيحة، فأعطاها التي كُسرتْ قصعتُها.

وقالت عائشة: ما غِرتُ على امرأةٍ قطُّ ما غرتُ على خديجة من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها، ولقد ذكرها يومًا، فقلت: ما تصنع بعجوز حمراء الشِّدْقَيْن، وقد أبدلك الله خيرًا منها؟ فقال: «والله ما أبدَلني الله خيرًا منها!» (٢).

فانظر هذه الغيرة الشَّديدة على امرأةٍ بعدما ماتت، وذلك لفرط محبَّتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تغار عليه أن يذكر غيرها، وكذلك غيرتُها من صفيَّة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قدم بها المدينة، وقد اتَّخذها لنفسه زوجةً، وعرَّس بها في الطريق، قالت عائشة: تنكرتُ، وخرجتُ أنظرُ،


(١) أخرجه البخاري (٢٤٨١، ٥٢٢٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٢١، ٣٨٢٤)، ومسلم (٢٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>