للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما، لابدَّ أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجةٌ، فقمت إلى بعيري؛ لأشدَّ عليه، فقال: على رِسْلك؛ إنِّي معك، فجلست حتى نهض معي، فتسايرنا، ثم التفت إليَّ، فقال: أقلتَ في نفسك: محبَّان التقيا بعد طول تناءٍ، فلابدَّ أن يكون لأحدهما إلى صاحبه حاجة؟ قلت: نعم، قد كان ذلك، قال: وربِّ هذه البَنيَّةِ ما جلستُ منها مجلسًا [١٢٤ ب] أقربَ من هذا.

وقال عُمر بن شبَّة (١) حدَّثنا أبو غسَّان قال: سمعت بعض المدنيين يقول: كان الرَّجل يحب الفتاة، فيطوف بدارها حولًا، يفرح أن يرى منْ يراها، فإن ظَفِر منها بمجلس؛ تشاكيا، وتناشدا الأشعار، واليوم يشير إليها، وتشير إليه، فيَعِدُها، وتعدُهُ، فإذا التقيا؛ لم يَشكُ حُبًّا، ولم ينشد شعرًا، وقام إليها، كأنَّه قد أشهد على نِكاحِها أبا هريرة.

وقال محمَّدُ بنُ سيرين (٢): كانوا يعشقون في غير ريبةٍ، وكان الرجل يجيء إلى القوم، فيتحدَّث عندهم، لا يستنكر له ذلك، قال هشام بن حسان: لكن اليوم لا يرْضون إلَاّ بالمواقعة.

وقيل لأعرابي (٣): ما تَعُدُّون العِشْق فيكم؟ قال: القُبْلة، والضمّ، والغمز، وإذا نكح الحبُّ فسد.


(١) أخرج عنه الخرائطي (ص ٨٣ - ٨٤)، وابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٣١). وهو في ربيع الأبرار (٤/ ٢٥).
(٢) أخرجه الخرائطي (ص ٨٤).
(٣) انظر اعتلال القلوب (ص ٨٤)، والمستطرف (٣/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>