للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرضتْ، وتغيَّرتْ، واحتالتْ في أن خلا لها وجهُه، فتعرَّضتْ إليه ببعض الأمر، فصرفها، ودفعها عنه، فتزايد المرضُ حتى سقطتْ على الفراش، فقالت أمُّه: إنَّ فلانة قد مرضت، ولها علينا حقٌّ، قال: فعوديها، وقولي لها: يقولُ لك: ما خبرُك؟ فسارت إليها أمُّه وسألتها: ما بكِ؟ قالت: [١٣٠ أ] وجعٌ في فُؤادي هو أصلُ عِلَّتي، قالت: فإنَّ ابني يسألك عن علَّتك؟ فتنفَّستْ الصُّعَداءَ، ثم قالت:

يسائِلُني عن عِلَّتي وهو عِلَّتي ... عجيبٌ منْ الأنباء جاء به الخبرْ

فانصرفت إليه أُمُّه، وأخبرتْه، وقالت له: أحب أن تصير إليك، فقال: نعم، فذكرت أُمُّه لها ذلك، فبكت، وقالت:

ويُبعدُني عنْ قربه ولقائه ... فلمَّا أذابَ الجسمَ منِّي تعطَّفا

فلستُ بآتٍ موضعًا فيه قاتلي ... كَفاني سَقامًا أنْ أموتَ تلَهُّفا

وتزايدت بها العلَّة حتى ماتت.

وأحبَّ رجلٌ منْ أهل الكوفة (١) ــ يُسمَّى أبا الشَّعثاء ــ امرأةً جميلةً، فلمَّا علمتْ به كتبت إليه:

لأبي الشعثاء حبٌّ دائمٌ ... لَيْسَ فيه تُهْمةٌ لمُتَّهَمْ

يا فؤادي فازْدَجِرْ عنه ويا ... عبَثَ الحبِّ به فاقعدْ وقُمْ


(١) رواه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٧٤ - ٢٧٥)، والمرأة هي دنانير جارية ابن كناسة. والخبر برواية أخرى في الأغاني (١٣/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>