للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعاطيان من الغرام مُدامةً ... زادتهما بعدًا من الأوزار

صدقا الغرام فلم يمل طرفٌ إلى ... فُحْشٍ ولا كفٌّ لحلِّ إزار

فتلاقيا وتفرَّقا وكلاهما ... لم يخش مطعن عائبٍ أو زار

وقيل لبُثيْنة: هذا جميل لما به، فهل عندك من شيء تُنفِّسين به وجده؟ فقالت: ما عندي أكثرُ من البكاء إلى أن ألقاه في الدَّار الأخرى، أو زيارته وهو ميت تحت الثَّرى.

وقيل لعُتبة بعد موت عاشقها: ما كان يضُرُّك لو أمتعتِهِ بوجهك؟ قالت: منعني من ذلك خوف العار، وشماتةُ الجار، ومخافةُ الجبَّار، وإنَّ بقلبي أضعاف ما بقلبه، غير أنِّي أجد ستره أبقى للمودَّة، وأحمد للعاقبة، وأطوع للربِّ، وأخفَّ للذَّنب.

وهوي فتًى امرأةً (١)، وهويَتْهُ، وشاع خبرُهما، فاجتمعا يومًا خاليين، فقال لها: [١٣٢ أ] هلمِّي نُحقِّق ما يقال فينا، فقالت: لا والله! لا كان هذا أبدًا، وأنا أقرأُ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف/٦٧].

وقيل لبعضهم ــ وقد هوي جاريةً، فطال عشقه لها ــ: ما أنت صانعٌ لو ظفرت بها، ولا يراكما إلا الله؟ قال: والله لا جعلته أهون الناظرين إليَّ، لا أفعل بها خاليًا إلَّا ما أفعله بحضرة أهلها، حنين طويل، ولحظٌ من بعيد، وأترك ما يُسخطُ الربَّ، ويُفسدُ الحبَّ (٢):


(١) انظر تزيين الأسواق (١/ ٣٦).
(٢) سبقت الأبيات (ص ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>