قال أبو الفرج (١): وَشَتْ جارية بثينة بها إلى أبيها وأخيها، وقالت لهما: إنَّ جميلًا عندها، فأتيا مشتملين على سيفيهما، فرأياهُ خاليًا حجرةً منها، تحدّثه، ويشكو إليها بثَّه، ثم قال لها: يا بُثَيْنَةُ أرأيت مابي من الشَّغف والعشق؛ ألا تجربينه؟ [١٣٤ أ] قالت له: بماذا؟ قال: بما يكون من المُتحابين، فقالت له: يا جميلُ! أهذا تبغي؟ والله! لقد كنت عندي بعيدًا منه، فإن عاودت تعريضًا بريبةٍ لا رأيت وجهي أبدًا، فضحك، وقال: والله! ما قلتُ لك هذا إلَاّ لأعلم ما عندك، ولو علمتُ أنَّك تجيبينني إليه؛ لعلمت أنَّك تجيبين غيري، ولو رأيتُ منك مساعدةً لضربتك بسيفي هذا ما استمسك في يدي، أو هجرتُك أبدًا، أما سمعت قولي:
وإنِّي لأرضى من بُثَيْنة بالذي ... لو أبصرَهُ الواشي لقرَّتْ بلابِلُه
بلا وبأن لا أستطيع وبالمُنى ... وبالأمل المرجُوِّ قد خاب آملُه
وبالنَّظرة العجلى وبالحوْلِ تنقضي ... أواخِرُه لا نلتقي وأوائلُه؟
قال أبوها لأخيها: قُمْ بنا، فما ينبغي لنا بعد هذا اليوم أنْ نمنع هذا الرَّجل منْ إتيانها!
(١) في الأغاني (٨/ ١٠٥)، وتزيين الأسواق (١/ ١٠٣). والأبيات في ديوان جميل (ص ١٦٩) وهناك التخريج وبيان اختلاف النسبة.