راجعتيه فإنه أبو ولدك» فقالت: أتأْمُرني؟ قال:«لا! إنما أنا شافعٌ» قالت: فلا حاجة لي فيه.
فهذه شفاعةٌ من سيد الشُّفعاء لمُحب إلى محبوبه، وهي من أفضل الشفاعات، وأعظمها أجرًا عند الله، فإنها تتضمن اجتماع محبوبين على ما يحبه الله ورسوله، ولهذا كان أحبّ ما إلى إبليس وجنوده التفريق بين هذين.
وتأمل قوله تعالى في الشفاعة الحسنة {يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} وفي السيئة {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}[النساء/ ٨٥] فإن لفظ الكفل يُشعر بالحمل، والثقل، ولفظ النصيب يشعر بالحظّ الذي [١٤٤ أ] ينصب طالبه في تحصيله، وإن كان كلٌّ منهما يستعمل في الأمرين عند الانفراد، ولكن لما قرن بينهما؛ حسن اختصاص حظ الخير بالنصيب، وحظ الشر بالكفل.
وفي صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده (١): أن رجلًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوَّج ابنةً له، وكان خطبها قبل ذلك عمُّ بنيها، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها كارهةٌ للذي زوجها أبوها، وأنه كان يعجبها أن يزوجها عمَّ بنيها، فأهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - نكاح أبيها، وزوجها عم بنيها.
(١) أصل الحديث عند البخاري (٥١٣٨) من حديث خنساء بنت خذام.