ابن عامر امرأته ابنة سهل بن عمرو، فقدمت المدينة ومعها ابنةٌ لها، ومعها وديعةُ جوهر، استودعها إياهُ، فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ ثمَّ أراد ابن عامر الحجَّ، فأتى المدينة، فلقي الحسن، فقال: يا أبا محمد! إن لي إلى ابنة سهل حاجةً، فأُحبُّ أن تأذن لي عليها، فقال لها الحسن: البسي ثيابك، فهذا ابن عامر يستأذنُ عليك، فدخل عليها، فسألها وديعته، فجاءته بها عليها خاتمه. فقال لها: خذي ثلثها! فقالت: ما كنتُ لآخذ على أمانةٍ ائتُمنتُ عليها شيئًا أبدًا! ثم أقبل عليها ابنُ عامر، فقال: إنَّ ابنتي قد بلغت، فأُحبُّ أن تُخلّي بيني وبينها، فبكت، وبكت ابنتُها، فرقَّ ابن عامر، فقال الحسن: فهل لكما؟ فوالله ما من محلل خيرٌ مني، قال: فوالله لا أُخرجها من عندك أبدًا، فكفلها حتى مات.
وذكر الزمخشري في «ربيع الأبرار»(١): أن زبيدة بنت أبي جعفر قرأت في طريق مكة على حائط:
أما في عباد الله أو في إمائه ... كريمٌ يُجلِّي الهمَّ عن ذاهب العقل
له مقلةٌ أما المآقي قريحة ... وأما الحشا فالنارُ منه على رجل
فنذرت أن تحتال لقائلها، حتى تجمع بينه وبين من يحبه، قالت: فإني لبالمزدلفة؛ إذ سمعت من ينشدهما، فاستدعيتُ به، فزعم أنه قالهما في بنت عمٍّ له، قد حلف [١٤٨ ب] أهلها ألَّا يزوجوها منه،