للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الهيثم بن عدي (١) عن محمد بن زياد: أن الحارث بن السليل الأزدي خرج زائرًا لعلقمة بن حزم الطائي، وكان حليفًا له، فنظر إلى ابنة له تُدعى الرباب، وكانت [١٤٩ ب] من أجمل النساء، فأُعجب بها، وعشقها عشقًا حال بينه وبين الانصراف إلى أهله، فقال لعلقمة: إني أتيتك خاطبًا، وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب. قال: كفوٌ كريم، فأقم ننظر في أمرك، ثم انكفأ إلى أم الجارية، فقال لها: إن الحارث سيد قومه حسبًا، ومنصبًا، وبيتًا، فلا ينصرفنَّ من عندنا إلا بحاجته، فشاوري ابنتك وأديريها عمَّا في نفسها.

فقالت لها: أي بُنيَّة، أي الرجال أعجبُ إليك؟ الكهلُ الجحجاحُ، المُفضلُ الميَّاح، أم الفتى الوضاح، الملولُ الطمَّاح؟ قالت: الفتى الوضاح. فقالت: إن الفتى يُغيرك، وإن الشيخ يُميرك، وليس الكهلُ الفاضلُ، الكثيرُ النَّائل كالحديث السن، الكثير المن. فقالت: يا أمَّاه أُحبُّ الفتى، كحبِّ الرِّعاءِ أنيقَ الكلأ. قالت: أي بُنية! إنَّ الفتى شديد الحِجاب، كثيرُ العتاب. قالت: يا أمَّاه أخشى من الشيخ أن يُدنِّس ثيابي، ويُبلي شبابي، ويشمت بي أترابي. فلم تزل بها الأُمُّ حتى غلبتها على رأْيها، فتزوَّجها الحارثُ على خمسين ومئةٍ من الإبل، وخادم، وألف


(١) أخرج عنه الخرائطي (ص ١٥٧ - ١٥٨). والخبر في عيون الأخبار (٤/ ٤٧، ٤٨). والخبر مع الشعر في المحاسن والأضداد (ص ٢٣٧ - ٢٣٨)، وجمهرة الأمثال (١/ ٢٦٢، ٢٦٣)، ومجمع الأمثال (١/ ١٢٢، ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>