للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظر إليها، فعلقت بقلبه، فكتب إليها:

قد كنتُ أحسب أنَّ الشمس واحدة ... والبدر في منظر بالحسن موصوف

حتَّى رأيتُك في أثواب ثاكلة ... سودٍ وصدغُك فوق الخَدِّ معطوف

فرحتُ والقلبُ منِّي هائمٌ دنِفٌ ... والكبد حرَّى ودمعُ العين مذروف

رُدِّي الجواب ففيه الشكر واغتنمي ... وصل المحبِّ الَّذي بالحُبِّ مشغوفُ

ورمى بالرقعة إليها، فلمَّا قرأتها كتبت:

إن كنت ذا حسبٍ زاكٍ وذا نسبٍ ... إنَّ الشريف بغضِّ الطرف معروف

إنَّ الزُّناةَ أُناسٌ لا خلاقَ لهم ... فاعْلم بأنَّك يوم الدين موقوف

واقطع رجاك لحاك الله من رجلٍ ... فإنَّ قلبي عن الفحشاء مصروف

فلمَّا قرأ الرُّقعة؛ زجر نفسه، وقال: أليس امرأةٌ تكون أشجع منك؟ ثمَّ تاب، ولبس مدرعةً من الصُّوف، والتجأ إلى الحرم، فبينا هو في الطَّواف يومًا؛ وإذا بتلك الجارية عليها جبَّة من صوفٍ، فقالت له: ما أليق هذا بالشريف، هل لك في المباح؟ فقال: قد كنت أروم هذا قبل أن أعرف الله، وأُحبَّه، والآن فقد شغلني حبُّه عن حبِّ غيره، فقالت له: أحسنت! والله ما قلتُ لك هذا إلَّا لاختبارك؛ لأعلم حدَّ ما انتهيت إليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>