فطفنا فلاحت في الطواف لوائحٌ ... غنينا بها عن كل مرأًى ومسمع
وقال الحسن البصري (١): كانت امرأةٌ بغيٌّ قد فاقت أهل عصرها في الحسن، لا تمكِّن من نفسها إلَّا بمائة دينار، وإنَّ رجلًا أبصرها فأعجبته، فذهب فعمل بيديه، وعالج، فجمع مائة دينار، فجاء، فقال: إنَّك قد أعجبتني، فانطلقت، فعملت [١٧٠ ب] بيدي، وعالجت حتى جمعت مائة دينار. فقالت: ادفعها إلى القهرمان حتى ينقدها، ويزنها. فلمَّا فعل، قالت: ادخل! وكان لها بيتٌ منجَّدٌ، وسريرٌ من ذهب، فقالت: هلمَّ لك! فلمَّا جلس منها مجلس الخائن؛ تذكَّر مقامه بين يدي الله، فأخذته رِعدةٌ، وطفئت شهوتُه، فقال: اتركيني لأخرج، ولك المائة دينار! فقالت: ما بدا لك، وقد رأيتني كما زعمت، فأعجبتك، فذهبت، فعالجتَ، وكددت حتى جمعت مائة دينار، فلمَّا قدرتَ عليَّ فعلت الَّذي فعلت؟! فقال: ما حملني على ذلك إلَاّ الفرقُ من الله، وذكرت مقامي بين يديه! قالت: لئن كنت صادقًا؛ فما لي زوجٌ غيرُك. قال: ذريني لأخرج! قالت: لا؛ إلَاّ أن تجعل لي عهدًا أن تتزوَّجني. فقال: لا، حتى أخرج. قالت: فلي عليك عهد الله إن أنا أتيتك أن تتزوجني، قال: لعلَّ. فتقنَّع بثوبه، ثمَّ خرج إلى بلده، وارتحلت المرأةُ بدنياها نادمةً على ما كان منها حتى قدمت بلده، فسألت عن اسمه،
(١) أخرج عنه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٤٨ - ٢٤٩).