ومنزله، فدُلَّت عليه، فقيل له: الملكة جاءت بنفسها تسأل عنك، فلمَّا رآها؛ شهقَ شهقةً، فمات، فسُقِطَ في يدها، فقالت: أمَّا هذا فقد فاتني، أما له من قريب؟ فقيل: بلى! أخوه رجلٌ فقير. فقالت: إنِّي أتزوجك حُبًّا لأخيك. قال: فتزوجته، فولدت له سبعة.
وقال يحيى بن عامر التيمي (١): خرج رجلٌ من الحي حاجًّا، فورد بعض المياه ليلًا، فإذا هو بامرأةٍ ناشرةٍ شعرها، فأعرض عنها، فقالت له: هلمَّ إليَّ، فلم تعرض عني؟ فقال: إني أخاف الله رب العالمين! فتجلببت ثم قالت: هبتَ والله مَهابًا، إنَّ أولى من شركك في ا لهيبة لمن أراد أن يشركك في المعصية! ثم ولَّت، فتبعها، فدخلت بعض خيام الأعراب، قال: فلمَّا أصبحتُ؛ أتيت رجلًا من القوم، فسألته عنها، وقلت: فتاةٌ صفتُها كذا وكذا، فقال: هي والله ابنتي! فقلت: هل أنت مُزوِّجي بها؟ قال: على الأكفاء، فمن أنت؟ فقلت: رجلٌ من تيم الله، قال:[١٧١ أ] كُفؤٌ كريمٌ، فما رِمْتُ حتى تزوَّجتها، ودخلتُ بها، ثمَّ قلت: جهزوها إلى قدومي من الحجِّ، فلمَّا قدمنا حملتها إلى الكوفة، وهاهي ذي عندي، ولي منها بنون وبناتٌ. قال: فقلت: ويحك ما كان تعرُّضُك لي حينئذٍ؟! قالت: يا هذا ما للنساء خيرٌ من الأزواج، فلا تعجبنَّ من امرأةٍ تقول: هويتُ، فوالله لو كان عند بعض السُّودان ما تريد من هواها؛ لكان هو هواها!
(١) أخرج عنه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٦٤ - ٢٦٥).