للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك سبيل، والدنيا منقطعةٌ. فقلت له: فإذا أبيت أن تقبل منِّي ذلك، فأخبرني من هي حتَّى أكرمها لأجلك ما بقيتُ! فقال: ما كنت لأذكرها لأحدٍ! ثمَّ قام، وتركني.

وذكر عبد الملك بن قُرَيب (١)، قال: هويَ رجلٌ من النُّساك جاريةً، فاشتدَّ حبُّه لها، فبعث إليها يخطبها، فامتنعت وأجابته إلى غير ذلك، فأبى، وقال: لا إلَّا ما أحلَّ الله! ثمَّ إنَّ محبَّته ألقيت في قلبها، فبذلت له ما سأل، فقال: لا والله، لا حاجة لي بمن دعوتها إلى طاعة الله، ودعتني إلى معصيته!

وحكى المُبرِّدُ (٢) عن شيخه أبي عثمان المازنيِّ: أنَّه قصده بعض أهل الذِّمَّة؛ ليقرأ عليه «كتاب سيبويه» وبذل له مائة دينار، فامتنع وردَّه، فقلت له: أترُدُّ هذا القدر مع شدَّة فاقتك؟ فقال: إنَّ هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آيةً من كتاب الله، ولست أرى تمكين هذا الذِّمِّي منها غيرةً على القرآن. فاتَّفق أن غنَّت جاريةٌ بحضرة الواثق بقول


(١) أخرج عنه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص ٢٣٦). وسبق عند المؤلف بسياق أطول عن مخرمة بن عثمان.
(٢) أخرج عنه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (٩/ ٢٣٤ - ٢٣٥). والخبر في معجم الأدباء (٢/ ٧٥٩، ٧٦٠)، وإنباه الرواة (١/ ٢٨٤)، ووفيات الأعيان (١/ ٢٨٤، ٢٨٥)، وطبقات النحويين للزبيدي (ص ٨٧ - ٨٨، ٩١ - ٩٢). ولعلَّ المؤلف نقل هذا الخبر من درة الغواص (ص ٩٦ - ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>