السَّابع عشر: أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه، فإنَّ الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمةٍ وهمةٍ، وميلًا إلى هواه؛ طمع فيه، وصرعه، وألجَمَه بلجام الهوى، وساقه حيث أراد. ومتى أحسَّ منه بقوَّة عزم، وشرف نفسٍ، وعلوِّ همَّةٍ؛ لم يطمع فيه إلَّا اختلاسًا، وسَرِقَةً.
الثامن عشر: أن يعلم أنَّ الهوى ما خالط شيئًا إلَّا أفسده، فإن وقع في العلم؛ أخرجه إلى البدعة، والضَّلالة، وصار صاحبُه من جملة أهل الأهواء. وإن وقع في الزهد؛ أخرج صاحبه إلى الرِّياء، ومخالفة السُّنَّة. وإن وقع في الحكم؛ أخرج صاحبَه إلى الظُّلم، وصدَّه عن الحقِّ. وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجَوْر. وإن وقع في الولاية، والعزل؛ أخرج صاحبه إلى خيانة الله، والمسلمين حيث يُوَلِّي بهواه، ويعزل بهواه. وإن وقع في العبادة؛ خرجت عن أن تكون طاعةً وقربةً. فما قارن شيئًا إلَّا أفسده.
التاسع عشر: أن يعلم أنَّ الشيطان ليس له مدخلٌ على ابن آدم إلَّا من باب هواه، فإنَّه يطيف به، من أين يدخل عليه، حتَّى يفسد عليه قلبَه وأعماله، فلا يجد مدخلًا إلَّا من باب الهوى، فيسري معه سرَيان السُّمِّ في الأعضاء.
العشرون:[١٨١ أ] أنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ جعل الهوى مضادًّا لما أنزله على رسوله، وجعل اتِّباعه مقابلًا لمتابعة رُسُله، وقسم النَّاس إلى قسمين: أتباع الوحي، وأتباع الهوى، وهذا كثيرٌ في القرآن، كقوله تعالى: