للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأفضل النَّاس من لم يرتكب سببًا ... حتَّى يميز ما تجني عواقبُهُ

الثالث عشر: أن يتصوَّر ذلك في حقِّ غيرهِ حقَّ التَّصوُّر، ثمَّ ينزل نفسه تلك المنزلة، فحكم الشَّيء حكمُ نظيره.

الرَّابع عشر: أن يتفكَّر فيما تطالبه به نفسه من ذلك، ويسأل عنه عقلَه، ودينَه يُخبرانه بأنَّه [١٨٠ ب] ليس بشيءٍ. قال عبد الله بن مسعود

ــ رضي الله عنه ــ: «إذا أعجب أحدكم امرأةٌ؛ فليذكر مناتنها»، وهذا أحسن من قول أحمد بن الحسين (١):

لو فكَّر العاشِقُ في منتهى ... حُسنِ الَّذي يَسبيه لم يَسْبِه

لأنَّ ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ ذكر الحال الحاضرة اللازمة، والشاعر أحال على أمر متأخر.

الخامس عشر: أن يأنفَ لنفسه من ذُلِّ طاعة الهوى، فإنَّه ما أطاع أحدٌ هواه قطُّ إلَّا ووجد في نفسه ذُلًّا، ولا يغترَّ بصولة أتباع الهوى، وكبرهم، فهم أذلُّ النَّاس بواطن، قد جمعوا بين فضيلتي الكبر، والذُّلِّ.

السَّادس عشر: أن يُوازن بين سلامة الدِّين، والعرض، والمال، والجاه، ونيل اللَّذَّة المطلوبة، فإنَّه لا يجد بينهما نسبةً ألبتَّة، فليعلم أنَّه من أسفه النَّاس ببيعه هذا بهذا.


(١) هو المتنبي، والبيت في ديوانه (١/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>