للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ للْفَقِير إِن خَليفَة رجل كَبِير فِي نَفسه مستنكف من مواكلتك فَتقدم إِلَيّ وَأخذ يواكله

وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ بهمذان وَقدم عَلَيْهِ ابْنه مؤيد الْملك من بَلخ فَإِنَّهُ كَانَ استقدمه لينفذه إِلَى بَغْدَاد حِين زوجه فَدخل عَلَيْهِ ووقف بَين يَدَيْهِ سَاعَة وَقضى للنَّاس حوائجهم فَلَمَّا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الظّهْر وتفرق النَّاس نظر إِلَى ابْنه واستدناه فَجعل يقبل الأَرْض وَيَدْنُو فضمه إِلَيْهِ وَقبل بَين عَيْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا بني توجه إِلَى بَيْتك إِلَى بَغْدَاد فِي ساعتك هَذِه

فودعه وَقبل يَده وَسَار من سَاعَته

والتفت نظام الْملك إِلَى من عِنْده وَقد تغرغرت عينه بالدموع وَقَالَ إِن عَيْش أحد البقالين أصلح من عيشي يخرج إِلَى دكانه غدْوَة وَيروح عَشِيَّة وَمَعَهُ مَا قسم لَهُ من الرزق فيجتمع هُوَ وَأَوْلَاده على طَعَامه وَيسر بقربهم مِنْهُ وحضورهم مَعَه وَهَذَا وَلَدي مَا رَأَيْته مُنْذُ ولد غير أَوْقَات يسيرَة وَقد نَشأ هَذَا المنشأ وَمَا يظْهر على مَا عِنْدِي من الحنو والشفقة فنهاري بَين أخطار وتكلف ومشاق وليلى بَين سهر وفكر تَارَة لتدبير الممالك والبلدان وَمن أرتب فِي كل صقع وَمَكَان وَمَا يخرج لكل وَاحِد من الْعَطاء وَالْإِحْسَان وَكَيف أرْضى هَذَا السُّلْطَان حَتَّى يمِيل إِلَيّ وَلَا يتَغَيَّر عَليّ وَبِأَيِّ أَمر أدفَع شَرّ من يقصدني فَمَتَى يكون لي زمَان ألتذ فِيهِ بنعمتي وأستدرك أفعالي بِمَا يَنْفَعنِي عِنْد لِقَاء رَبِّي وَبكى بكاء شَدِيدا

وَقَالَ أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْملك الهمذاني قدم نظام الْملك إِلَى بَغْدَاد مرَّتَيْنِ وَكَانَ يباكر دَار السُّلْطَان وَيعود من الدِّيوَان إِذا أضحى النَّهَار فيخلو بِنَفسِهِ إِلَى وَقت

<<  <  ج: ص:  >  >>