الظّهْر وَيُصلي فيجلس ويحضر النَّاس وَيقْرَأ بَين يَدَيْهِ جُزْء من الحَدِيث على شيخ كَبِير عالي السَّنَد ويكرمه ويجلسه إِلَى جَانِبه وَيتَكَلَّم الْفُقَهَاء فِي الْمسَائِل وَيقْعد نظام الْملك مطأطأ الرَّأْس وَهُوَ يسمع جَمِيع مَا يجْرِي فِي الْمجْلس وَيسْأل الْحَوَائِج فِي أثْنَاء ذَلِك الْوَقْت ويجيب عَنْهَا وينعم بالأموال الطائلة والهبات الجزيلة
وَيُقَال كَانَ يتَصَدَّق فِي بكرَة كل يَوْم بِمِائَة دِينَار
وَلم تَبْرَح أُمُوره على مَا شرحناه وَفَوق مَا وصفناه إِلَى أَن خرج مَعَ السُّلْطَان من بَغْدَاد إِلَى أَصْبَهَان فِي شهر ربيع الأول سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة فَأَقَامَ بهَا شهورا فَلَمَّا انْقَضى الْحر توجها إِلَى بَغْدَاد فِي شهر رَمَضَان وَقد تغير السُّلْطَان على نظام الْملك بِأُمُور مِنْهَا مَا هُوَ من محَاسِن نظام الْملك وَهُوَ تَعْظِيمه لأمر الْخَلِيفَة وَكَانَ نظام الْملك يتَقرَّب بذلك إِلَى الله تَعَالَى
وَلما دخل على أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُقْتَدِي بِاللَّه أذن لَهُ فِي الْجُلُوس بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا حسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْك بِرِضا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَنْك
وَكَانَ نظام الْملك يستبشر بِهَذَا ويفرح وَيَقُول أَرْجُو أَن الله تَعَالَى يستجيب دعاءه
وانضم إِلَى ذَلِك أَن تَاج الْملك أَبَا الْغَنَائِم استولى على قلب السُّلْطَان وتوصل إِلَى أَن حظي بالمنزلة الرفيعة عِنْده وَلم يكن للسُّلْطَان من الْقُدْرَة أَن يعْزل نظام الْملك لشدَّة اسْتِيلَاء نظام الْملك على السلطنة
فَلَمَّا انفصلوا عَن نهاوند وعسكروا بجانبها فِي يَوْم الْخَمِيس عَاشر شهر رَمَضَان وحان وَقت الْإِفْطَار اتّفق فِي ليلته قتل نظام الْملك