للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالثَّانِي أَنه يبطل بِمَا إِذا أخرج كَفَّارَة الْقَتْل بعد الْجرْح وَقبل الْمَوْت فَإِنَّهُ أخرجهَا قبل وُجُوبهَا وَقبل وجود سَبَب وُجُوبهَا ثمَّ يُجزئهُ

أجَاب القَاضِي أَبُو الْحسن بِأَن قَالَ أَنا أدل على الْوَصْف وَيدل عَلَيْهِ أَن الْيَمين يمْنَع الْحِنْث وَمَا منع من السَّبَب الَّذِي تجب بِهِ الْكَفَّارَة لم يجز أَن يكون سَببا لوُجُوبهَا كَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَام لما منعا السَّبَب الَّذِي تجب عِنْده الْكَفَّارَة من الْوَطْء وَغَيره لم يجز أَن يُقَال إنَّهُمَا سببان فِي إِيجَابهَا كَذَلِك هَاهُنَا مثله

فَأجَاب القَاضِي أَبُو الطّيب عَن هَذَا الْفَصْل أَيْضا وَقَالَ لَا أسلم أَن الْيَمين يمْنَع الْحِنْث فَقَالَ أَنا أدل عَلَيْهِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله عز وَجل {واحفظوا أَيْمَانكُم} وَهَذَا أَمر بِحِفْظ الْيَمين وَترك الْحِنْث وعَلى أَن الْيَمين إِنَّمَا وضعت للْمَنْع لِأَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يقْصد بِالْيَمِينِ منع نَفسه من الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا ذكرت من الصَّوْم وَالْإِحْرَام فِي منع الْجِمَاع وَغَيره وَيدل على ذَلِك أَن الْكَفَّارَة وضعت لتغطية المآثم وتكفير الذُّنُوب وَاسْمهَا يدل على ذَلِك وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا) وَإِنَّمَا سَمَّاهَا كَفَّارَة لِأَنَّهَا تكفر الذُّنُوب وتغطيها وَمَعْلُوم أَنه لَا يَأْثَم فِي نفس الْأَمر أَي فِي الْيَمين فَيحْتَاج إِلَى تَغْطِيَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه كَانُوا يحلفُونَ وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (وَالله لأغزون قُريْشًا) وأعادها ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ (إِن شَاءَ الله تَعَالَى) وَنحن نعلم أَنه لَا يجوز فِي صفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصفَة أَصْحَابه أَن يقصدوا إِلَى مَا يتَعَلَّق الْإِثْم بِهِ إِلَى الْكَفَّارَة فَثَبت أَنه لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي الْيَمين وَإِذا لم يكن فِي الْيَمين إِثْم وَجب أَن يكون مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْكَفَّارَة مَوْضُوعَة لتكفير الْإِثْم الْمُتَعَلّق

<<  <  ج: ص:  >  >>