بِالْحِنْثِ وَهَذَا يدل على أَنه مَمْنُوع من الْحِنْث غير أَن من جملَة الْأَيْمَان مَا نقضهَا أولى من الْوَفَاء بهَا وَذَلِكَ إِذا حلف لَا يُصَلِّي فقد ابتلى ببلاءين بَين أَن يَفِي بِيَمِينِهِ فيأثم بترك الصَّلَاة وَبَين أَن ينْقض يَمِينه فَيحنث فيأثم بالمخالفة وللمخالفة بدل يرجع إِلَيْهِ وَلَيْسَ لترك الصَّلَاة بدل يرجع إِلَيْهِ وعَلى هَذَا يدل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه) فَشرط فِي الْحِنْث أَن يكون فعله خيرا من تَركه
وَأما الْفَصْل الثَّانِي وَهُوَ النَّقْض فَلَا يلْزَمنِي لِأَنِّي قلت لم يُوجد سَببهَا وَهُنَاكَ قد وجد سَببهَا وَذَلِكَ أَن الْجرْح سَبَب فِي إِتْلَاف النَّفس وَهَذَا سَبَب الْإِثْم وَالْكَفَّارَة وَجَبت لتكفير الذَّنب وتغطية الْإِثْم وَالْجرْح سَبَب الْإِثْم فَإِذا وجد جَازَ إِخْرَاج الْكَفَّارَة
وَتكلم القَاضِي أَبُو الطّيب على الْفَصْل الأول فَقَالَ أما الْيَمين فَلَا يجوز أَن تكون مَانِعَة من الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فَلَا يجوز أَن تكون مُغيرَة لحكمه بل إِذا كَانَ الشَّيْء مُبَاحا فَهُوَ بعد الْيَمين بَاقٍ على حكمه وَإِن كَانَ مَحْظُورًا فَهُوَ بعد الْيَمين بَاقٍ على حظره يبين صِحَة هَذَا أَنه لَو حلف أَنه لَا يشرب المَاء لم يحرم عَلَيْهِ شرب المَاء وَلم يتَغَيَّر عَن صفته فِي الْإِبَاحَة وَكَذَلِكَ لَو حلف ليقْتلن مُسلما لم يحل لَهُ قَتله وَلم يتَغَيَّر الْقَتْل عَن صفة التَّحْرِيم وَهَذَا لَا أجد فِيهِ خلافًا بَين الْمُسلمين وعَلى هَذَا يدل قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك} ثمَّ قَالَ {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} فَعَاتَبَهُ الله على كل تَحْرِيم
وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه) وَهَذَا يدل على مَا ذَكرْنَاهُ من أَن الْيَمين