للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإِمَام الْمُصِيب وسنشير إِلَيْهِ فِي حَدِيث يبْعَث اللَّه عَلَى رَأس كل مائَة

وَاعْلَم أَن مَا أوردناه من الْأَحَادِيث دَال عَلَى الشَّافِعِي بِعُمُومِهِ لَا بِخُصُوصِهِ وَهَا نَحن نذْكر من الحَدِيث مَا يدل عَلَى الْخُصُوص وَلَا يخفى أَنه إِذا قَامَت دلَالَة الْخُصُوص عضدت أَدِلَّة الْعُمُوم ووصلتها إِلَى الْقطع فَإِن الْخَاص يصير بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ كخصوص السَّبَب بِالنِّسْبَةِ إِلَى لفظ الْعُمُوم لَا سِيمَا وَتلك العمومات قد بَينا أَن بَعْضهَا يعضد بَعْضًا

فَنَقُول رُوِيَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تسبوا قُريْشًا فَإِن عالمها يمْلَأ الأَرْض علما

وعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ لَا تؤموا قُريْشًا وائتموا بهَا وَلَا تقدمُوا عَلَى قُرَيْش وقدموها وَلَا تعلمُوا قُريْشًا وتعلموا مِنْهَا فَإِن إِمَامَة الْأمين من قُرَيْش تعدل إِمَامَة الأمينين من غَيرهم وَإِن علم عَالم قُرَيْش ليسع طباق الأَرْض

وَهَذَا الحَدِيث قَالَه عَلِيّ كرم اللَّه وَجهه يَوْم حرورا لعبد اللَّه بْن عَبَّاس لما أرْسلهُ إِلَى الْخَوَارِج قَالَ قل لَهُم على م تتهموني وَأشْهد لسمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول ذَلِك

ونقول فَمَا دلّ هَذَا الحَدِيث بِعُمُومِهِ عَلَى قُرَيْش وَبِه اسْتشْهد عَلِي الرِّضَا كرم اللَّه وَجهه كَذَلِك دلّ عَلَى الشَّافِعِي من بَينهم بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأرضاه وجمعنا مَعَه فِي دَار كرامته عَالم قُرَيْش الَّذِي مَلأ الأَرْض علما لَا يمتري فِي ذَلِك إِلَّا جَاهِل متعصب

قَالَ الإِمَام الْجَلِيل أَبُو نعيم عَبْد الْملك بْن مُحَمَّد الْفَقِيه فِي قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَالم قُرَيْش يمْلَأ الأَرْض علما عَلامَة بَيِّنَة أَن المُرَاد بذلك رجل من عُلَمَاء هَذِهِ الْأمة من قُرَيْش قد ظهر علمه وانتشر فِي الْبِلَاد وكتبت كتبه ودرسها الْمَشَايِخ والشبان الْأَحْدَاث فِي مجَالِسهمْ وصيروها إِمَامًا لَهُم واستظهروا أقاويله وأجروها فِي مجَالِس الْأُمَرَاء والحكام وحكموا بهَا فِي الدِّمَاء والفروج

<<  <  ج: ص:  >  >>