وَكَانَ مصمما على مقالات الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ جليلها وحقيرها كبيرها وصغيرها لَا يتعداها ويبدع من خَالفه وَلَو فِي النزر الْيَسِير وَالشَّيْء الحقير
ثمَّ هُوَ مَعَ ذَلِك مالكي الْمَذْهَب شَدِيد الْميل إِلَى مذْهبه كثير المناضلة عَنهُ
وَهَذَانِ الإمامان أَعنِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ وتلميذه الْغَزالِيّ وصلا من التَّحْقِيق وسعة الدائرة فِي الْعلم إِلَى الْمبلغ الَّذِي يعرف كل منصف بِأَنَّهُ مَا انْتهى إِلَيْهِ أحد بعدهمَا وَرُبمَا خالفا أَبَا الْحسن فِي مسَائِل من علم الْكَلَام وَالْقَوْم أَعنِي الأشاعرة لَا سِيمَا المغاربة مِنْهُم يستصعبون هَذَا الصنع وَلَا يرَوْنَ مُخَالفَة أبي الْحسن فِي نقير وَلَا قطمير وكأنما عناه الْغَزالِيّ بقوله ... وَرُبمَا ضعفا مَذْهَب مَالك فِي كثير من الْمسَائِل كَمَا فعلا فِي مَسْأَلَة الْمصَالح الْمُرْسلَة وَعند ذكر التَّرْجِيح بَين الْمذَاهب
فهذان أَمْرَانِ نفر الْمَازرِيّ مِنْهُمَا وينضم إِلَى ذَلِك أَن الطّرق شَتَّى مُخْتَلفَة وَقل مَا رَأَيْت سالك طَرِيق إِلَّا ويستقبح الطَّرِيق الَّتِي لم يسلكها وَلم يفتح عَلَيْهِ من قبلهَا وَيَضَع عِنْد ذَلِك من غَيره لَا ينجو من ذَلِك إِلَّا الْقَلِيل من أهل الْمعرفَة والتمكين
وَلَقَد وجدت هَذَا واعتبرته حَتَّى فِي مَشَايِخ الطَّرِيقَة
وَلَا يخفى أَن طَريقَة الْغَزالِيّ التصوف والتعمق فِي الْحَقَائِق ومحبة إشارات الْقَوْم وَطَرِيقَة الْمَازرِيّ الجمود على الْعبارَات الظَّاهِرَة وَالْوُقُوف مَعهَا وَالْكل حسن وَللَّه الْحَمد إِلَّا أَن اخْتِلَاف الطَّرِيقَيْنِ يُوجب تبَاين المزاجين وَبعد مابين القلبين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute