للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى ابْن مظفر فَأَما مَا ذكرت من أَمر الْغَزالِيّ فَرَأَيْت الرجل وكلمته فرأيته رجلا من أهل الْعلم قد نهضت بِهِ فضائله وَاجْتمعَ فِيهِ الْعقل والفهم وممارسة الْعُلُوم طول زَمَانه

ثمَّ بدا لَهُ الِانْصِرَاف عَن طَرِيق الْعلمَاء وَدخل فِي غمار الْعمَّال

ثمَّ تصوف فَهجر الْعُلُوم وَأَهْلهَا وَدخل فِي عُلُوم الخواطر وأرباب الْقُلُوب ووساوس الشَّيْطَان

ثمَّ شابها بآراء الفلاسفة ورموز الحلاج وَجعل يطعن على الْفُقَهَاء والمتكلمين

وَلَقَد كَاد يَنْسَلِخ من الدّين فَلَمَّا عمل الْإِحْيَاء عمد يتَكَلَّم فِي عُلُوم الْأَحْوَال ومرامز الصُّوفِيَّة وَكَانَ غير أنيس بهَا وَلَا خَبِير بمعرفتها فَسقط على أم رَأسه وشحن كِتَابه بالموضوعات

انْتهى

وَأَنا أَتكَلّم على كَلَامهمَا ثمَّ أذكر كَلَام غَيرهمَا وأتعقبه أَيْضا وأجتهد أَن لَا أَتعدى طور الْإِنْصَاف وَأَن لَا يلحقني عرق الحمية والاعتساف

وأسأل الله الْإِمْدَاد بذلك والإسعاف فَمَا أحد مِنْهُم معاصرا لنا وَلَا قَرِيبا وَلَا بَيْننَا إِلَّا وصلَة الْعلم ودعوة الْخلق إِلَى جناب الْحق فَأَقُول أما الْمَازرِيّ فَقبل الْخَوْض مَعَه فِي الْكَلَام أقدم لَك مُقَدّمَة وَهِي أَن هَذَا الرجل كَانَ من أذكى المغاربة قريحة وأحدهم ذهنا بِحَيْثُ اجترأ على شرح الْبُرْهَان لإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ لغز الْأمة الَّذِي لَا يحوم نَحْو حماه وَلَا يدندن حول مغزاة إِلَّا غواص على الْمعَانِي ثاقب الذِّهْن مبرز فِي الْعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>