فِي رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو زِيَادُ بْنُ طَارِقٍ الْجُشَمِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ أَبُو جَرْوَلٍ وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا صُرَدَ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَسَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا هُوَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَثَبْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ أُذَكِّرُهُ حَيْثُ شَبَّ وَنَشَأَ فِي هَوَازِنَ وَحَيْثُ أَرْضَعُوهُ فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ
(امْنُنْ عَلَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَرَمٍ ... فَإِنَّكَ الْمَرْءُ نَرْجُوهُ وَنَنْتَظِرُ)
(امْنُنْ عَلَى بَيْضَةٍ قَدْ عَاقَهَا قَدَرٌ ... مُفَرِّقٌ شَمْلَهَا فِي دَهْرِهَا غِيَرُ)
(أَبْقَتْ لَنَا الْحَرْبُ هُتَّافًا عَلَى حَزَنٍ ... عَلَى قُلُوبِهِمُ الْغِمَاءُ وَالْغَمَرُ)
(إِنْ لَمْ تَدَارَكَهُمْ نَعْمَاءُ تَنْشُرُهَا ... يَا أَرْجَحَ النَّاسِ حِلْمًا حِينَ يُخْتَبَرُ)
(امْنُنْ عَلَى نِسْوَةٍ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... إِذْ فُوكَ تَمْلأهُ مِنْ مَخْضِهَا الدَّرَرُ)
(إِذْ أَنْتَ طِفْلٌ صَغِيرٌ كُنْتَ تَرْضَعُهَا ... وَإِذْ يُرِينَكَ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ)
(يَا خَيْرَ مَنْ مَرِحَتْ كَمْتُ الْجِيَادِ بِهِ ... عِنْدَ الْهِيَاجِ إِذَا مَا اسْتَوْقَدَ الشَّرَرُ)
(لَا تَجْعَلَنَّا كَمَنْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ ... وَاسْتَبْقِ مِنَّا فَإِنَّا مَعْشَرٌ زهَرُ)
(إِنَّا تؤمل عَفْوًا مِنْكَ تُلْبِسُهُ ... هَدْيَ الْبَرِيَّةِ إِنْ تَعْفُو وَتَنْتَصِرُ)
(إِنَّا لَنَشْكُرُ لِلنَّعَمَا وَقَدْ كُفِرَتْ ... وَعِنْدَنَا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ مُدَّخَرُ)
(فَأَلْبِسِ الْعَفْوَ مَنْ قَدْ كُنْتَ تَرْضَعُهُ ... مِنْ أُمَّهَاتِكَ إِنَّ الْعَفْوَ مُشْتَهَرُ)
(وَاعْفُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا أَنْتَ وَاهِبُهُ ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ يَهْدِي لَكَ الظَّفَرُ)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلِلَّهِ وَلكم