وَأَجْلسهُ على تكرمته واستبشر بوفوده عَلَيْهِ وَكَانَ فِي رَمَضَان قريب غرُوب الشَّمْس فَلَمَّا دخل وَقت الْمغرب وَأذن الْمُؤَذّن صلوا صَلَاة الْمغرب وأحضر للسُّلْطَان قدح شراب فتناوله وناوله للشَّيْخ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ مَا جِئْت إِلَى طَعَامك وَلَا إِلَى شرابك فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يرسم الشَّيْخ وَنحن نمتثل مرسومه فَقَالَ لَهُ أيش بَيْنك وَبَين ابْن عبد السَّلَام وَهَذَا رجل لَو كَانَ فِي الْهِنْد أَو فِي أقْصَى الدُّنْيَا كَانَ يَنْبَغِي للسُّلْطَان أَن يسْعَى فِي حُلُوله فِي بِلَاده لتتم بركته عَلَيْهِ وعَلى بِلَاده ويفتخر بِهِ على سَائِر الْمُلُوك
قَالَ السُّلْطَان عِنْدِي خطه باعتقاده فِي فتيا وخطه أَيْضا فِي رقْعَة جَوَاب رقْعَة سيرتها إِلَيْهِ فيقف الشَّيْخ عَلَيْهِمَا وَيكون الحكم بيني وَبَينه ثمَّ أحضر السُّلْطَان الورقتين فَوقف عَلَيْهِمَا وقرأهما إِلَى آخرهما وَقَالَ هَذَا اعْتِقَاد الْمُسلمين وشعار الصَّالِحين ويقين الْمُؤمنِينَ وكل مَا فيهمَا صَحِيح وَمن خَالف مَا فيهمَا وَذهب إِلَى مَا قَالَه الْخصم من إِثْبَات الْحَرْف وَالصَّوْت فَهُوَ حمَار
فَقَالَ السُّلْطَان رَحمَه الله نَحن نَسْتَغْفِر الله مِمَّا جرى ونستدرك الفارط فِي حَقه وَالله لأجعلنه أغْنى الْعلمَاء وَأرْسل إِلَى الشَّيْخ واسترضاه وَطلب محاللته ومخاللته
وَكَانَت الْحَنَابِلَة قد استنصروا على أهل السّنة وعلت كلمتهم بِحَيْثُ إِنَّهُم صَارُوا إِذا خلوا بهم فِي الْمَوَاضِع الخالية يسبونهم ويضربونهم ويذمونهم فعندما اجْتمع الشَّيْخ جمال الدّين الحصيري رَحمَه الله بالسلطان وَتحقّق مَا عَلَيْهِ الجم الْغَفِير من اعْتِقَاد أهل الْحق تقدم إِلَى الْفَرِيقَيْنِ بالإمساك عَن الْكَلَام فِي مَسْأَلَة الْكَلَام وَأَن لَا يُفْتِي فِيهَا أحد بِشَيْء سدا لباب الْخِصَام فَانْكَسَرت المبتدعة بعض الانكسار وَفِي النُّفُوس مَا فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute