وَلم يزل الْأَمر مستمرا على ذَلِك إِلَى أَن اتّفق وُصُول السُّلْطَان الْملك الْكَامِل رَحمَه الله إِلَى دمشق من الديار المصرية وَكَانَ اعْتِقَاده صَحِيحا وَهُوَ من المتعصبين لأهل الْحق قَائِل بقول الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله فِي الِاعْتِقَاد وَكَانَ وَهُوَ فِي الديار المصرية قد سمع مَا جرى فِي دمشق فِي مَسْأَلَة الْكَلَام فرام الِاجْتِمَاع بالشيخ فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَطلب مِنْهُ أَن يكْتب لَهُ مَا جرى فِي هَذِه الْقَضِيَّة مستقصى مُسْتَوفى فَأمرنِي وَالِدي رَحمَه الله بِكِتَابَة مَا سقته فِي هَذَا الْجُزْء من أول الْقَضِيَّة إِلَى آخرهَا
فَلَمَّا وصل ذَلِك إِلَيْهِ ووقف عَلَيْهِ أسر ذَلِك فِي نَفسه إِلَى أَن اجْتمع بالسلطان الْملك الْأَشْرَف رَحمَه الله وَقَالَ لَهُ يَا خوند كنت قد سَمِعت أَنه جرى بَين الشَّافِعِيَّة والحنابلة خصام فِي مَسْأَلَة الْكَلَام وَأَن الْقَضِيَّة اتَّصَلت بالسلطان فَمَاذَا صنعت فِيهَا فَقَالَ يَا خوند منعت الطَّائِفَتَيْنِ من الْكَلَام فِي مَسْأَلَة الْكَلَام وَانْقطع بذلك الْخِصَام
فَقَالَ السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وَالله مليح مَا هَذِه إِلَّا سياسة وسلطنة تَسَاوِي بَين أهل الْحق وَالْبَاطِل وتمنع أهل الْحق من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَأَن يكتموا مَا أنزل الله عَلَيْهِم كَانَ الطَّرِيق أَن تمكن أهل السّنة من أَن يلحنوا بحججهم وَأَن يظهروا دين الله وَأَن تشنق من هَؤُلَاءِ المبتدعة عشْرين نفسا ليرتدع غَيرهم وَأَن تمكن الْمُوَحِّدين من إرشاد الْمُسلمين وَأَن يبينوا لَهُم طَرِيق الْمُؤمنِينَ
فَعِنْدَ ذَلِك ذلت رِقَاب المبتدعة وانقلبوا خائبين وعادوا خَاسِئِينَ {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم لم ينالوا خيرا وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} وَكَانَ ذَلِك على يَد